عليهم وكانوا مقحطين ، فسروا بذلك واستبشروا ، لكون الغيث أبدا يستلزم الغمام ، فقيل لهم (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ) فكان الريح هي عين الأهواء التي كانوا عليها ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا رأى ذلك يتغير ، ويدخل ويخرج ، فإذا نزل الغيث وعلم أنه رحمة سكن.
(تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) (٢٥)
ما كل كلّ في كل موضع ترد تعطي الحصر ، فإنه قد تأتي ويراد بها القصر ، مثل قوله في الريح العميم (ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) وقد مرت على الأرض وما جعلتها كالرميم ، مع كونها أتت عليها ، وما جعل الحق الحكم في الأرض إليها ، فقال :
(فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ) لما أهلك الله تعالى قوم هود ، بعث عليهم طيرا سودا فنقلهم إلى البحر (فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ) وكانت مساكنهم الشحر بين عمان وحضرموت (كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ).
(وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون (٢٦) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِّنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٧) فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٨) وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ) (٢٩)