والمتبوع الأول ، والإمامة على الحقيقة هي لله الحق تعالى جل جلاله ، والأئمة إنما هم نوابه وخلفاؤه ، فهو الإمام لا هم قال : (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ) فإن التنزيه من العبد نظير التنزيه من الحق سواء ، فمن نزه الحق عند أداء ما أوجب الله عليه من العبادات في العهد الذي أخذه عليه عقلا وشرعا ، فقد وفّى بعهود الله التي أخذت عليه. أشرك الله نفسه مع عبده في هذا الحكم بما أوجب على نفسه له بما كتب على نفسه من الرحمة والوفاء بعهده ، يقال أوفى على الشيء إذا أشرف عليه ، واحذر أن تفي ليفي لم يزده على ميزانه شيئا ، وهو قوله : (أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) وليس سوى دخول الجنة ، ورد في الحديث : [كان له عند الله عهدا أن يدخله الجنة] لم يقل غير ذلك (وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ) ولم يطلب الموازنة ، ولا ذكر هنا أنه يفي له بعهده وإنما قال : (فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) وما عظمه الحق فلا أعظم منه ، فاعمل على وفائك بعهدك من غير مزيد ، قال صلىاللهعليهوسلم في حق نفسه : [لا يكمل لعبد الإيمان حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين] ولهذا يشترط في البيعة المنشط والمكره ، لأن الإنسان ما ينشط إلا إذا وافق الله هوى نفسه ، والمكره إذا خالف أمر الله هوى نفسه ، فيقوم به على كره لاتصافه ووفائه بحكم البيعة ، فإنه ما بايع إلا الله ، إذ كانت يد الله فوق أيديهم ، وما شاهدوا بالأبصار إلا يد هذا الشخص الذي بايعوه ، والنفس أبدا في الغالب تحت حكم مزاجها ، والقليل من الناس من يحكم نفسه على طبيعته ومزاجه ، فالكامل من العباد من لم يترك لله عليه ولا عنده حقا إلا وفاه إياه ، ولذلك فإن الشروع عندنا في النافلة ملزم ، فإن العبد كان مختارا وفي التلبس مضطرا ، فإن الشروع عهد عهده مع الله بلا شك.
(سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (١١) بَلْ ظَنَنتُمْ أَن