وبقيت في خلف يزكي بعضهم |
|
بعضا ليدفع معور عن معور |
فمادحك إنما يتولى عدوك فاحذره ولا تأنس إليه ، فتميل في كل أحوالك إليه ، وإذا كان هذا مع الأحباب ، فكيف يكون مع الأب؟ أي الشيخ الذي هو أخص الحبايب ، أو مع الأخ الشقيق والصديق الشفيق والصاحب ، ولذلك قيل : لا تصحب من يراك معصوما ، فإنه يكون هو المنتفع بك بقدر ظنه ، وتبقى أنت على ما بينك وبين الله تعالى من مكره وأمنه ، فالمحبة على الطالب لا على الشيخ ، وقد غلط في هذا كثيرون واحتجوا بقول إبراهيم بن أدهم لصاحبه : إن شدة محبتك في الله غيبتني عن النظر في مساويك ، وذلك حال من أحبك له ، وأما الشيخ فإنما يحبك لك ، فلا يزال مطلعا على عوارتك في غفلاتك ، ليصحح منك السقيم ويرد معوجك إلى المستقيم ، وأنت أيها الأخ لا تمدح أخاك الغائب عن نفسه بنفسه في وجهه ، الذي هو قفاه ، فتأكل لحمه ميتا ، فهذه هي الأخوة والأبوة الهازمة للأحزاب ، المغرقة في السبب القاطع للأسباب ، والنسب القاطع للأنساب ، المكينة في النسب المحمدي والسبب الأحمدي ، يقول صلىاللهعليهوسلم : [كل سبب ونسب منقطع إلا نسبي وسببي] لأنه صلىاللهعليهوسلم آدم أبوة النبوة والدين ، كما أن آدم عليهالسلام آدم أبوة الطين ، فإذا بلغ المؤمن حال العلم ذوقا ورقاه الحق ، صار حقا للشيخ والشيخ حقا له ، فله مرتبة الصحبة والأخوة والمشاورة ، وعليه الأدب بإبقاء التبعية بحيث لا تستمر عليه تكليفات الطالبين لأجل هذه الأخوة ، قال تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) وقال صلىاللهعليهوسلم : [أنا من الله والمؤمنون مني].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (١١) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا