الاعتقادات بنظرها وأدلتها ، فهي ستور عليها ، لذلك تبصر الشخص ولا تبصر ما اعتقده إلا أن يرفع لك الستر بستر آخر ، وهو العبارة عن معتقده في ربه ، فالعبارة وإن دلتك عليه فهي ستر بالنظر إلى عين ما تدل عليه ، فإن الذي تدل عليه ما ظهر لعينك ، ولذلك فإن الأسماء الإلهية وإن دلت على ذات المسمى ، فهي أعيان الستور عليها ، والأسماء اللفظية الكائنة في ألسنة الناطقين والأسماء الرقمية في أقلام الكاتبين فإنها ستور على الأسماء الإلهية ، من حيث أن الحق متكلم لنفسه بأسمائه ، فتكون هذه الأسماء اللفظية والمرقومة التي عندنا أسماء تلك الأسماء وستورا عليها ، فإنا لا ندرك لتلك الأسماء كيفية ، ولو أدركنا كيفيتها شهودا لارتفعت الستور ، وهي لا ترفع ، فالستور وإن كانت دلائل فهي دلائل إجمالية ، فالعالم بل الوجود كله ستر ومستور وساتر ، فنحن في غيبه مستورون ، وهو ستر علينا ، فالوجود هو الستر العام ، فهو واسع المغفرة ، وهي حضرة إسبال الستور ، وختم تعالى بقوله : (هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) والستر وقاية ، والغفران هو الستر ، فالعبد يتقي بالستر.
(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (٣٣) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (٣٤) أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (٣٥) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى) (٣٧)
وفّى بما رأى من ذبح ابنه.
(أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (٣٨)
فإن الدار الآخرة دار تمييز فلا تصيب العقوبة إلا أهلها.
(وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) (٣٩)
جعل الله الإنسان لا يسعى إلا لنفسه ، ولهذا قرن بسعيه الأجر حتى يسعى لنفسه ، بخلاف من لا أجر له من العالم الأعلى والأسفل ، وليس بعد الرسل ومرتبتهم في العلم بالله مرتبة ، فهم المطرقون والمنبهون ، ومع هذا فما منهم من رسول إلا قال : (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) فما هو من سعي الإنسان فهو له عند الله بطريق الإيجاب الإلهي الذي أوجبه على