الاشتراك في حقيقة الموزونين ، فإن الذي يوزن به الذهب المسكوك هو صنجة
حديد ، فليس يشبهه في ذاته ولا صفته ولا عدده ، فيعلم أنه لا يوزن بالصورة
الإنسانية إلا ما تطلبه الصورة ، بجميع ما تحوي عليه ، بالأسماء الإلهية التي
توجهت على إيجاده وأظهرت آثارها فيه ، وكما لم تكن صنجة الذهب توازن الذهب في حد
ولا حقيقة ولا صورة عين ، كذلك العبد وإن خلقه الله على صورته ، فلا يجتمع معه في
حد ولا حقيقة ، إذ لا حد لذاته ، والإنسان محدود بحد ذاتي لا رسمي ولا لفظي ، وكل
مخلوق على هذا الحد ، والإنسان أكمل المخلوقات وأجمعها من حيث نشأته ومرتبته ،
فإذا وقفت على حقيقة هذا الميزان زال عنك ما توهمته في الصورة ، من أنه ذات وأنت
ذات ، وأنك موصوف بالحي العالم وسائر الصفات وهو كذلك ، وتبين لك بهذا الميزان أن
الصورة ليس المراد بها هذا ، ولهذا جمع في سورة واحدة (خَلَقَ الْإِنْسانَ)
(وَوَضَعَ الْمِيزانَ) وأمرك أن تقيمه من غير طغيان ولا خسران ، وما له إقامة
إلا على هذا الحد ، فإن الله الخالق وأنت العبد المخلوق ، وكيف للصنعة أن تعلم
صانعها؟ وإنما تطلب الصنعة من الصانع صورة علمه بها لا صورة ذاته ، وأنت صنعة
خالقك ، فصورتك مطابقة لصورة علمه بك ، فاعلم بأي ميزان تزن نفسك مع ربك ، ولا
تعجب بنفسك ، واعلم أنك صنجة حديد وزن بها ياقوتة يتيمة لا أخت لها ، وإن اجتمعت
معها في المقدار فما اجتمعت معها في القدر ولا في الذات ولا في الخاصية ، تعالى
الله ، فالزم عبوديتك والزم قدرك.
(وَالْأَرْضَ
وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ)
(١٠) من أجل المشي
والمنام.
(فِيهَا فَاكِهَةٌ
وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ)
(١١) لحصول المنافع
ودفع الآلام.
(وَالْحَبُّ ذُو
الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ)
(١٢) وهو ما يقوت
الإنسان والحيوان.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(١٣)
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
أيها الإنس
والجان ، وقد غمر كما بالإنعام والإحسان ، ولما تلا