(٥٦) سورة الواقعة مكيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (٢) خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ (٣) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا) (٥)
من أعجب علوم الرجال ما لم يسم فاعله ، مثل رج الأرض وبس الجبال ، وهما دليلان على وقوع الواقعة التي ليس لوقعتها كاذبة.
(فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثًّا) (٦)
فلابد للجبال من صيرورتها عهنا منفوشا ، وهباء منبثا مفروشا ، فتلحق بالأرض لاندكاكها.
(وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) (٨)
رأى آدم عليهالسلام نفسه بين يدي الحق حين بسط يده ، ورأى نفسه وبنيه في اليد حين اختار يمين الحق ، ويمين الحق تقتضي السعادة ، وما فرق الحق بين أصحاب اليمين وأصحاب الشمال إلا بالنسبة لآدم ، فهم أصحاب يمين آدم وأصحاب شمال آدم ، فإن بنيه السعداء عن يمينه ، وبنيه الأشقياء عن شماله ، وكلتا يدي الحق يمين مباركة ، فبنو آدم عن يمينه وعن شماله ، وهو وبنيه في يمين الحق ، فلا يشقى الإنسان ، إذ لو دام الغضب لدام الشقاء ، فالسعادة دائمة وإن اختلف المسكن ، فإن الله جاعل في كل دار ما يكون به نعيم أهل تلك الدار ، فلابد من عمارة الدارين ، وقد انتهى الغضب في يوم العرض الأكبر ، وأمر بإقامة الحدود فأقيمت ، وإذا أقيمت زال الغضب ، فإن إرساله يزيله ، فهو عين إقامة الحدود على المغضوب عليه ، فلم يبق إلا الرضا ، وهو الرحمة التي وسعت كل شيء ، فإذا انتهت