لطول الأمد حكم يغير الحال ، قال : (وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ).
(اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٧) إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١٨) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) (١٩)
الصديقون هم أتباع الرسل لقول الرسل ، فالصديق من لا يكذب بشيء من الأخبار إذا تلقى ذلك من الصادق ـ راجع الصديق (وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ) راجع سورة النساء آية ٦٩ ـ (لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) ـ الوجه الأول ـ (لَهُمْ أَجْرُهُمْ) أي ما اكتسبوه (وَنُورُهُمْ) ما وهبهم الحق تعالى من ذلك ، حتى لا ينفرد الأجر من غير أن يختلط به الوهب ، حتى يشغل الوهب العبد عن معاينة سلطان الاستحقاق الذي يعطيه الأجر ، إذ كان معاوضة عن عمل متقدم مضاف إلى العبد ، فلا أجر إلا ويخالطه نور لما ذكرناه ـ الوجه الثاني ـ (لَهُمْ أَجْرُهُمْ) من حيث الشهادة (وَنُورُهُمْ) من حيث الصديقية ، فجعل النور للصديقية ، والأجر للشهادة ، إذ الصديقون لهم النور لصدقهم ، إذ لو لا النور ما عاينوا صدق المخبر وصدق الخبر ـ الوجه الثالث ـ اعلم أن من الناس عبيدا ومنهم أجراء ، ولأجل الإجارة نزلت الكتب الإلهية بها بين الأجير والمستأجر ، فلو كانوا عبيدا ما كتب الحق كتابا لهم على نفسه ، فإن العبد لا يوقت على سيده ، إنما هو عامل في ملكه ومتناول ما يحتاج إليه ، فالأجراء لهم أجرهم والعبيد لهم نورهم وهو سيدهم ، فإنه نور السموات والأرض ، فقوله تعالى : (لَهُمْ أَجْرُهُمْ) يعني الأجراء ، وهم الذين اشترى الحق منهم أنفسهم (وَنُورُهُمْ) وهم العبيد والإماء ـ الوجه الرابع ـ برأ الله الصديقين من الأعواض وطلب