(وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ) وهي الأماني المذمومة ، فهي التي لا يكون لها ثمرة ، ولكن صاحبها يتنعم بها في الحال ولكن تكون حسرة في المآل ، فذم المتمني بغير الجهد وبذل المجهود وصحة القصد ، وقد قال تعالى في المتعني : (وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) فلا تتمن على الله وأنت تسلك على غير طريق تحصيل السعادة ، فإن الله يقول : (إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) فجعل الطريق التقوى لحصول هذا الفرقان الذي أنزله على عبده ليكون للعالمين نذيرا ، أي معلما لهم ، فلابد لكل طالب أمر أن يسلك في طريق تحصيله ، لأن الطريق له ذاتي فلا تحصل إلا به ، ولكن أكثر الناس لا يشعرون.
(فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (١٥)
(فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) هو قوله تعالى : (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) أي فدية.
(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ) (١٦)
لا يؤثر في الأشياء إلا ما قام بها وليس إلا العلم ، ألا ترى شخصان يقرآن القرآن ، فيخشع أحدهما ويبكي ، والآخر ما عنده من ذلك كله خبر ولا يؤثر فيه ، هل ذلك إلا من أثر علمه القائم به لما تدل عليه تلك الآية وشهوده ما تضمنته من الأمر الذي أبكاه وخشع له؟ والآخر أعمى عن تلك المعاني لا يجاوز القرآن حنجرته ، ولا أثر لتلاوته فيه ، فلم يكن الأثر لصورة لفظ الآية ، وإنما الأثر لما قام بنفس العالم بها ، المشاهد ما نزلت له تلك الآية ، فقال تعالى :
(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ) ولما كان