الله أنه لا إله إلا الله من حيث الأدلة العقلية ، فإن الطريق الموصلة إلى العلم بالله طريقان لا ثالث لهما ، ومن وحّد الله من غير هذين الصنفين فهو مقلد في توحيده ، الطريق الواحدة طريق الكشف ، وهو علم ضروري يحصل عند الكشف يجده الإنسان في نفسه لا يقبل معه شبهة ولا يقدر على دفعه ، ولا يعرف لذلك دليلا يستند إليه سوى ما يجده في نفسه ، وقد يكشف له عن الدليل ، وإما أن يحصل له هذا العلم عن تجل إلهي يحصل له ، وهم الرسل والأنبياء وبعض الأولياء ؛ والطريق الثاني طريق الفكر والاستدلال بالبرهان العقلي ، وهذا الطريق دون الطريق الأول ، فإن صاحب النظر في الدليل قد تدخل عليه الشبه القادحة في دليله ، فيتكلف الكشف عنها والبحث عن وجه الحق في الأمر المطلوب ، وما ثمّ طريق ثالث ، فهؤلاءهم ألو العلم الذين شهدوا بتوحيد الحق ، فتوحيد الحق يدرك بالإيمان ويدرك بالنظر ، فالمقلد مؤمن ، والناظر والمستدل بالأدلة العقلية على وجود الصانع وتوحيده عالم ـ وجه ـ لما كان الأمر في الحقيقة في نسبة الأفعال أن الحق مجريها على أيدي الخلق ومنشئها فيهم ، اطلع العباد على ذلك أو لم يطلعوا ، شرف العالم بالاطلاع على من لم يطلع وفضل ، قال تعالى : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (١٢)
ينبغي لك إذا ناجيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وذلك زمان قراءتك الأحاديث المروية عنه صلىاللهعليهوسلم أن تقدم بين يدي نجواك صدقة ، أي صدقة كانت ، فإن ذلك خير لك وأطهر ، بهذا أمرت ، فإن الصدقات التي نص الشارع عليها كثيرة ، ولذلك ورد أنه يصبح على كل سلامى منا صدقة في كل يوم تطلع فيه الشمس ، ثم أخبر صلىاللهعليهوسلم : [أن كل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة ، وكل تسبيحة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وأمر بمعروف صدقة ، ونهي عن منكر صدقة] فانظر حالك عندما تريد قراءة الحديث النبوي ، فهي التي بقيت في العامة من مناجاة الرسول ، فالذي يعيّن لك حالك عند ذلك من الصدقات تقدمها بين يدي قراءتك الحديث كانت ما كانت ، فقد أوسع الله عليك في ذلك ، فلم يبق لك عذر في التخلف بعد أن أعلمك