إذ الأعيان طاهرة بالأصل ، فما في الوجود بحكم الحقيقة إلا طاهر. (السَّلامُ) بسلامته من كل ما نسب إليه مما كره من عباده أن ينسبوه إليه. (الْمُؤْمِنُ) هنا له وجهان : بمعنى المصدق ، وبمعنى معطي الأمان بما أعطاهم من الأمان إذا وفوا بعهده ، فهو المؤمن بما صدق عباده ، ورد في الخبر أن العبد يقول في حال من الأحوال : الله أكبر ، فيقول الله : أنا أكبر ، يقول العبد : لا إله إلا انت ، يقول الله : لا إله إلا أنا ، يقول العبد : لا إله إلا الله له الملك وله الحمد ، يقول الله : لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد ، يصدق عبده ، ومن هنا كان اسمه المؤمن ، فهو مصدق الصادقين من عباده عند من لم يثبت صدقهم عنده ، فإذا صدق المؤمن في جميع أقواله وأفعاله وأحواله وإعطاء الأمان منه لكل خائف من جهته ، فإذا صدق في ذلك كله ، صدّقه الله تعالى ، لأنه لا يصدق سبحانه إلا الصادق ، ولا يصدقه تعالى إلا من اسمه المؤمن لا غير ؛ ـ ومن وجه آخر ـ لما كان الإيمان نصف صبر ونصف شكر ، والله هو الصبور الشكور ، فمن اسمه المؤمن شكر عباده على ما أنعموا به على الأسماء الإلهية ، بقبولهم لآثارها ، وصبر على أذى من جهله من عباده فنسب إليه مالا يليق به ونسبوا إليه عدوا بغير علم ـ كما أخبرنا عنهم ـ فصبر على ذلك ، ولا شخص أصبر على أذى من الله لاقتداره على الأخذ ، فهو المؤمن الكامل في إيمانه بكمال صبره وشكره ، ومن كون الحياء من الإيمان فإنه يستحي أن يكذب ذا شيبة يوم القيامة ، فيصدقه مع كذبه ويأمر به إلى الجنة. (الْمُهَيْمِنُ) هو الشاهد على الشيء بما هو له وعليه ، فهو الشاهد على عباده بما هم فيه من جميع أحوالهم مما لهم وعليهم. (الْعَزِيزُ) لغلبه من غالبه إذ هو الذي لا يغالب ، وامتناعه في علو قدسه أن يقاوم (الْجَبَّارُ) في اللسان : الملك العظيم ، وهو الجبار بما جبر عليه عباده في اضطرارهم واختيارهم ، فهم في قبضته تعالى ، فهو تعالى الجبار بما للذات من جبر في العالم بالأسماء الإلهية ، وله الجبر بالإحسان على الظاهر والباطن ، فله الجبر بطريق القهر والمغالبة على الظاهر ، وله الجبر الذاتي بالتجلي في العظمة الحاكمة على كل نفس فتذهل عن ذاتها وعزتها ، فلله قهر خفي في العالم لا يشعر به ، وهو ما جبرهم عليه في اختيارهم ، وقهر جلي وهو ما ليس فيه اختيار يحكم عليهم ، فللحق الرفعة أصلا وذلك بقوله (الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ) ولكنه لما نزل لعباده حتى ظن بعض الناس أن ذلك له حقيقة قال (الْمُتَكَبِّرُ) فهي رفعة للحق بعد نزوله إلى عباده ، لما حصل في النفوس الضعيفة من نزوله إليهم في خفي ألطافه لمن تقرب بالحد والمقدار ، من شبر وذراع وباع وهرولة وتبشيش وفرح وتعجب