لا عينه ، والعدو لله إنما تكره عينه ، ففرّق بين من تكره عينه وهو عدو الله ، وبين من تكره فعله وهو المؤمن ، أو من تجهل خاتمته ممن ليس بمسلم في الوقت ، فإذا تبين لك وتحققت من عداوته لله يتعين عليك عند ذلك أن تتخذهم أعداء ، لأمر الله لك بذلك ، حيث نهاك أن تتخذ عدوه وليا تلقي إليه بالمودة ، فإن اضطرك ضعف يقين إلى مداراتهم فدارهم من غير أن تلقي إليهم بمودة ، ولكن مسالمة لدفع الشر عنك ، والله يجعلنا ممن آثر الحق على هواه ، وأن يجعل ذلك مناه ، فما أعظمها عندي حسرة حيث لم نكن بهذه المثابة عند الله ، حتى نكتفي بذكر عداوتهم لله وإخراج الرسول ، فهنا ينبغي أن تسكب العبرات ، فالسعيد من وجد ذلك من نفسه ، فلم يدخل تحت هذا الخطاب ، فلا يتخذ عدوا لله محبوبا ولا محبا (أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ) أن وما بعدها بتأويل المصدر ، كأنه يقول : يخرجون الرسول وإياكم من أجل إيمانكم بالله ربكم ، (إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي ، تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ، وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ ، وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ).
(إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (٢) لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣) قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٤) رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ٥ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن