فذكره بعبودية الاختصاص ليعلم بحريته عن كل ما سوى الله ، وخلوص عبوديته لله ، ليس فيه شقص لكون من الأكوان ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم [العبد من لا عبد له] ففهم منه المحجوب أنه من لا عبد له قام بأمور نفسه ، فهو عبد نفسه ، وما مقصود الحق في ذلك إلا أن العبد من ليس له وجه إلى ربوبية وسيادة أصلا ، فإذا ملك العبد أمرا ما فله سيادة على ما ملك ، فالعبد على الحقيقة من لا ملك له ، لأن المملوك ذليل تحت تصرف المالك ، ولا يقدر على دفع تصرفه فيه ، ولا يكون هذا إلا بملك الرقبة ، فإن ملك التصريف دون الرقبة فهو مالك التصريف لا مالك الرقبة ، كالذي استأجر أجيرا على فعل يفعله ، فعبده التصرف لا المتصرف وهو المسمى أجيرا ، فالأجير خادم أجرته فهو خادم نفسه ، وذلك العبد فإنه لا عبد له فما له سيادة على أحد ، والعارف عبد الله وإن ملكه التصريف ولابد من ذلك فما له سيادة ، فإن الرقبى لله والعمرى للعبد.
(قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (٢٠) قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (٢١) قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا (٢٢) إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (٢٣) حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (٢٤) قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (٢٥) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا) (٢٦)
الغيب الذي أفرده الحق في هذه الآية ولم يقرنه بالشهادة هو الغيب الذي انفرد الحق به سبحانه لأنه لا عين له يجوز أن تشهد ، فقال : (فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً) فأرسلت حجب الأسرار دون أعين الناس وهو ما أخفى عنهم من الغيوب ، فإن قلت : فما فائدة الاستثناء في قوله :