الإحصاء هنا على العموم بمعنى الإحاطة ولكن كما قلنا في الكائنات المستقبلة وهي لا تتناهى ، فإن مقدورات الله لا تتناهى ، ومعلوماته كذلك أكثر من مقدوراته وغير ذلك ، والإحصاء بالعدد لا يتعلق به ، لأنه لا يجوز عليه ، فيحصي نفسه ، والمحال لا يوصف بالعدد فيتعلق به الإحصاء ، ولكن يحيط به العلم أي معنى ، لعلمه من جميع الوجوه.
(٧٣) سورة المزّمل مكيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
(يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) (١)
لما فجأ الوحي رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال [جئت منه رعبا] وأتى خديجة فقال [زملوني زملوني] وذلك من تجلي الملك ، فكيف به بتجلّي الملك؟ فمواجده صلىاللهعليهوسلم من تجليات ربه على قلبه أعظم سطوة من نزول ملك ، ووارد في الوقت الذي لم يكن يسعه فيه غير ربه.
(قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا) (٢)
لكون الليل محل التجلي الإلهي الزماني ، فإن الليل للحق ينزل فيه إلى السماء الدنيا ليناجي عبده ويسامره ويقضي حوائجه ، جاء في الخبر [كذب من ادعى محبتي فإذا جنه الليل نام عني ، أليس كل محب يطلب الخلوة بحبيبه؟ ها أنا ذا قد تجليت لعبادي ، هل من داع فأستجيب له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ حتى ينصدع الفجر ، فقم بين يدي وسلني حتى أعطيك مسألتك] وقيام الليل عبارة عن الصلاة فيه.
(نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) (٤) على غيرك ونهونه عليك.