الله قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين : نصفها لي ونصفها لعبدي ، ولعبدي ما سأل ، يقول العبد الحمد لله رب العالمين ، يقول الله : حمدني عبدي ـ الحديث ـ] (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) فالفاتحة قرآن من حيث ما اجتمع العبد والرب في الصلاة ، وهي فرقان من حيث ما تميز به العبد من الربّ مما اختص به في القراءة من الصلاة ، والعبد في الفاتحة قد أبان الحق بمنزلته فيها ، وأنه لا صلاة له إلا بها ، فإنها تعرفه بمنزلته من ربه ، وأنها منزلة مقسمة بين عبد ورب. كما ثبت ، فقال تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) الزكاة واجبة بالكتاب والسنة والإجماع ، فلا خلاف في ذلك ، وهي واجبة على كل مسلم حر بالغ عاقل مالك للنصاب ملكا تاما ، والزكاة واجبة في المال لا على المكلف ، وإنما هو مكلف في إخراجها من المال ، والأولى أن يكون كل ناظر في المال هو المخاطب بإخراج الزكاة منه ، وعلى ذلك فإن الوصي على المحجور عليه يخرج عنه الزكاة وليس له فيه شيء ، ولهذا قلنا : إنها حق في المال ؛ فإن الصغير لا يجب عليه شيء ، وقد أمر النبي صلىاللهعليهوسلم بالتجارة في مال اليتيم حتى لا تأكله الصدقة ، وعلى ذلك فإن الصدقة أي الزكاة واجبة في مال اليتيم يخرجها وليه ، وواجبة في مال المجنون والمحجور عليه يخرجها وليه ، وواجبة في مال العبد يخرجها العبد ، وأما أهل الذمة فالذي أذهب إليه أنه لا يجوز أخذ الزكاة من كافر ، وإن كانت واجبة عليه مع جميع الواجبات ، لأنه لا يقبل منه شيء مما كلف به إلا بعد حصول الإيمان به ، فإن كان من أهل الكتاب ففيه عندنا نظر ، فإن أخذ الجزية منهم قد يكون تقريرا من الشارع لهم على دينهم الذي هم عليه ، فهو مشروع لهم ، فيجب عليهم إقامة دينهم ، فإن كان فيه أداء زكاة وجاؤا بها. قبلت منهم ، وليس لنا طلب الزكاة من مشرك ، وإن جاء بها قبلناها ، والكافر هنا المشرك ليس الموحد ، فلا زكاة على أهل الذمة بمعنى أنها لا تجزي عنهم إذا أخرجوها ، مع كونها واجبة عليهم كسائر فروض الشريعة ، لعدم الشرط المصحح لها وهو الإيمان بجميع ما جاءت به الشريعة ، لا بها ولا ببعض ما جاء به الشرع ، فلو آمن بالزكاة وحدها أو بشيء من الفرائض أنها فريضة ، أو بشيء من النوافل أنها نافلة ، ولو ترك الإيمان بأمر واحد من فرض أو نفل لم يقبل منه إيمانه إلا أن يؤمن بالجميع ، ومع هذا فليس لنا أن نسأل ذميا زكاته ، فإن أتى بها من نفسه فليس لنا ردها ، لأنه جاء بها إلينا من غير مسئلة ، فيأخذها السلطان لبيت مال المسلمين ، لا يأخذها زكاة ولا يردها ، فإن ردها فقد عصى أمر