بتيرا لأنها ما ظهرت إلا عن شفع ، ولهذا كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يسلم من شفعه إلا في وتر ذلك الشفع ، فيصله بالشفع ليعلم أنه منه ، هذا كله ليتميز من الأحد فإن الأحد لا يدخله اشتراك ولا يكون نتيجة عن شفع أصلا ، وإن كان عن شفع فليس بواحد ، وإنما هو ثلاثة أو خمسة فما فوق ذلك ، وتقول في سادس الخمسة أنه واحد لأنه ليس بسادس ستة ، فقد تميز عن الشفع بما هو منفصل ، وليس إلا الأحد ، بخلاف الفرد والوتر ، فإنه لما كانت الثلاثة أول الأفراد من العدد إلى مالا يتناهى ، والشفعية المعبر عنها بالاثنين أول لأزواج إلى ما لا يتناهى في العدد ، فما من شفع إلا ويوتره واحد ، يكون بذلك فردية ذلك الشفع ، وما من فرد إلا ويشفعه واحد ، يكون به شفعية ذلك الفرد ، فالأمر الذي يشفع الفرد ويفرد الشفع هو الغني الذي له الحكم ولا يحكم عليه ، ولا يفتقر ويفتقر إليه ، فأحدية الحق اتصفت بالوتر لطلب الثأر من الأحدية للواحد الذي أظهر الاثنين بوجوده ، فما زاد إلى مالا يتناهى ، فلما أزال بهذا الظهور حكم الأحدية ، فصارت أحدية الحق تطلب ثأر الأحدية المزالة التي أذهب عينها هذا الواحد ، الذي بوجوده ظهرت الكثرة ، وتطلب الوحدانية ، فتسمى بالوتر لهذا الطلب ، ولكن لما كانت الأحدية لم تذهب ، بل الذي أعطاه الواحد هو ما يقتضيه حقيقة ذاته ، وهي أحدية الاثنين وأحدية الثلاثة والأربعة ، بالغا ما بلغ العدد ، وذلك لتستدل أعيان الأعداد بأحديتها تلك على أحدية الحق ، فما سعى الواحد إلا في حق الأحدية ومن أجلها ، فإن الأعداد ما ظهرت في الكون إلا من حكم الأسماء الإلهية ، فإنها كثرة ، ومع كثرتها فالأحدية لها متحققة ، فأراد الواحد أن لا يجهل أعيان الأعداد أحدية الأسماء ، حتى لا تتوهم الكثرة في جناب الله ، فأعطى في كل عدد أحدية ذلك العدد ، غيرة من وجود الكثرة المذهبة لعين الأحدية والوحدة ، فقبل الاسم الوتر عذر الاسم الواحد ، وعلم أنه متخلق في ذلك بأخلاق أحدية الحق في إقامة أحدية الأسماء الكثيرة ، ومشى عليه اسم الوتر للغيرة ، فإن الله يحب الوتر ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم [إن لله تسعة وتسعين اسما ، مئة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة ، فإنّ الله وتر يحبّ الوتر] فأوتر التسعة والتسعين واستثنى الواحد من المائة ، ولم يقل : مائة إلا وترا أو فردا ، لأن الاشتراك في الفردية والوترية ، وليس في الأحدية اشتراك ، فقوة الأحد ليست لسواه ، وأحدية الكثرة أبدا إنما هي فرد أو وتر ، لا يصح أن تكون واحدا ، وسواء كانت الكثرة