(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ) (٥).
(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ) هناك (فَتَرْضى) وهو عطاء كن في ظاهر العين ، كما هو له في الباطن ، فإن الإنسان له في باطنه قوة كن ، وما له منها في ظاهره إلا الانفعال ، وفي الآخرة يكون حكم كن منه في الظاهر ، وأعطاه صفة البقاء والدوام والنعيم الدائم الذي لا انتقال عنه ولا زوال ، وتميز صلىاللهعليهوسلم بهذا المقام عمن قال (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى) فمن عناية الله بالرسول المبجل تخليص الاستقبال في قوله (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) ، حتى لا يعجل ، فمن علم أنه لابد من يومه ، فلا يعجل عن قومه ، ومما أعطى الحق لرسوله صلىاللهعليهوسلم في الدنيا ليرضيه استقبال الكعبة ، قال تعالى (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها).
(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى) (٦) فلم يذلّك ولا طردك بالقهر ليتمك وكسرك.
(وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) (٧)
يقول الله تعالى في معرض الامتنان على عبده (وَوَجَدَكَ ضَالًّا) أي حائرا ، ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان (فَهَدى) فأبان لك عن الأمر ، وبين لك طريق الهدى من طريق الضلالة ، والهدى هنا هو معرفة ما خلقك من أجله حتى تكون على ذلك ، فتكون على بينة من ربك.
(وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى) (٨)
أول درجة الغنى القناعة ، والاكتفاء بالموجود ، فلا غنى إلا غنى النفس ، ولا غني إلا من أعطاه الله غنى النفس ، فليس الغنى ما تراه من كثرة المال مع وجود طلب الزيادة من رب المال ، فالفقر حاكم عليه ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم [ليس الغنى عن كثرة العرض ، ولكن الغنى غنى النفس].
(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ) (٩)