يدري أحد ما لأهل المودة في قرابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الأجر إلا الله ، ولكن أهل القربى منهم ، ولهذا جاء بالقربى ولم يجىء بالقرابة ، فوددنا من قرابته صلىاللهعليهوسلم القربى منهم ، وهم المؤمنون ، ولذلك فرّق عمر رضي الله عنه بين من هو أقرب قرابة ، وأقرب قربى ، وهو عربي نزل القرآن بلسانه ، فلو لا ما في ذلك فرقان في لسانهم واصطلاحهم ما فرق عمر بين القربى والقرابة ، قال تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ) فلو كانت المودة في القربى التي سألها رسول الله صلىاللهعليهوسلم منا ، يريد به القرابة ما نفاها الحق عنها في قوله (يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ) ولو كانوا قرابتهم ، فعلمنا أن المودة في القربى أنها في أهل الإيمان منهم ، وهم الأقربون إلى الله ، فتميز صلىاللهعليهوسلم عن سائر الرسل عليهمالسلام بما أعطى الله لأمته في مودتهم في القربى ، وتميزت أمته على سائر الأمم بما لها من الفضل في ذلك ، وجاء تعالى بلفظ المودة ، وهي الثبوت على المحبة ، فإنه من ثبت وده على أمر استصحبه في كل حال ، وإذا استصحبته المودة في كل حال لم يؤاخذ أهل البيت بما يطرأ منهم في حقه مما له أن يطالبهم به ، فيتركه ترك محبة وإيثارا لنفسه لا عليها ، فبالنسبة لحقوقنا وما لنا أن نطالبهم به فنحن مخيرون ، إن شئنا أخذنا وإن شئنا تركنا ، والترك أفضل عموما ، فكيف في أهل البيت؟ فإذا نزلنا عن طلب حقوقنا وعفونا عنهم في ذلك ، أي فيما أصابوا منا كانت لنا بذلك عند الله اليد العظمى والمكانة الزلفى ، فإن النبي صلىاللهعليهوسلم ما طلب منا عن أمر الله إلا المودة في القربى ، وفيه سر صلة الأرحام ، ومن لم يقبل سؤال نبيه فيما سأله فيه ـ مما هو قادر عليه ـ بأي وجه يلقاه غدا؟ ويرجو شفاعته؟ وهو ما أسعف نبيه صلىاللهعليهوسلم فيما طلب منه من المودة في قرابته ، فكيف بأهل بيته؟ فهم أخص القرابة ، وما سأل منا رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الأجر على تبليغ الدعاء إلا المودة في القربى ، وهو حب أهل البيت وقرابته صلىاللهعليهوسلم ، وأن يكرموا من أجله كانوا ما كانوا ، وقد طرأ على الشيعة ـ ولا سيما الإمامية ـ تلبيسات من عدم الفهم حتى ضلوا ، فدخلت عليهم شياطين الجن أولا بحب أهل البيت واستفراغ الحب فيهم ، ورأوا أن ذلك من أسنى القربات إلى الله ، وكذلك هو لو وقفوا ولا يزيدون عليه ، إلا أنهم تعدوا في حب أهل البيت إلى طريقين ، منهم من تعدى إلى بغض الصحابة وسبهم حيث لم يقدموهم ، وتخيلوا أن أهل البيت أولى بهذه المناصب الدنيوية ، فكان منهم ما قد عرف واستفاض ، وطائفة زادت إلى