الأمر ، فانّ صدق المفهومات العدميّة في نفس الأمر على الأمور الموجودة فيها لا ينكر ، فانّ مفهوم الأعمى غير موجود في الواقع لانتفاء جزئه فيه ، مع أنّه يصدق على زيد وعمرو مثلا ، والأربعة إذا وجدت في الذهن متّصفة بالزوجيّة في نفس الأمر ، مع أنّ الزوجيّة غير موجودة فيها ـ وأمثال ذلك أكثر من أن يحصى! ـ. وغير خفىّ أنّ الضروري والمسلّم ثبوت الحمل في نفس الأمر ـ أعني : كون ماهيّة الممكن واجبة الاتّصاف بالامكان في الواقع واللزوم الأوّل لازما لأحد المتلازمين في نفس الأمر ـ إلاّ أنّ وجوب الاتصاف واللزوم الأوّل من الموجودات الواقعيّة ، فانقطاع التسلسل في الوجوبات واللزومات الاعتبارية بانقطاع اعتبار العقل وان بقى ثبوت وجوب اتصاف الممكن بالامكان واللزوم الأوّل في نفس الأمر ؛ إلاّ أنّه لا ينفى تحقّق الحمل المذكور فيها. / ٣MA /
وأورد عليه : بأنّ الماهيّة واجبة الاتصاف بكلّ واحد من الوجوبات المتسلسلة إلى غير النهاية ، وكلّ واحد من اللزومات المذكورة لازم لأحد المتلازمين في نفس الامر ، اذ لولاه جاز أن لا تكون الماهية واجبة الاتصاف بالامكان وامكن أن لا يكون اللزوم الأوّل لازما لاحد المتلازمين ، فيجوز انفكاك اللازم عن الملزوم. وأيضا لا ريب في انّ الماهية واجبة الاتصاف بكلّ واحد من الوجوبات المذكورة في نفس الامر ، وانّ كلّ واحد من اللزومات لازم لاحد المتلازمين في الواقع وإن قطع النظر عن اعتبار العقول والاذهان. والحاصل كما انّه يصدق أنّ الماهيّة واجبة الاتصاف بالامكان / ٣DA / وانّ اللزوم الأوّل لازم لأحد المتلازمين في نفس الأمر يصدق أنّ الماهية واجبة الاتّصاف بوجوب الاتصاف ووجوب الوجوب ، وهكذا ؛ وأنّ اللزوم الثانى والثالث وما فوقهما لازم لاحد المتلازمين في نفس الامر ، فتحقّق الحمل في الواقع في الكلّ سواء. وإذا كان كلّ واحد من الوجوبات واجبا وكلّ واحد من اللزومات لازما في نفس الامر كان كلّ وجوب وكلّ لزوم متحقّقا فيه ، لأنّ البديهة قاضية بانّ ما لا ثبوت له في نفس الأمر لا يتّصف بثبوت شيء له فيه ؛ فانّ ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له. فان كان هذا الثبوت بحسب نفس الأمر كان المثبت له ثابتا فيه ، وإن كان بحسب الخارج كان المثبت له موجودا فيه ـ فانّ الشيء ما لم يوجد في أحدهما لم يتّصف بثبوت شيء