كذلك. بل الظاهر من كلام المحقّق الطوسي في شرح رسالة العلم : انّ علمه ـ تعالى ـ بالأصلح الّذي هو عين ذاته مرجّح لايجاد العالم في وقته ولا يحتاج إلى معنى آخر به يرجّح ذلك يسمّى « بالارادة ». وأمّا الإرادة المتعلّقة بخصوصيات الجزئيات المتغيّرة المتبدّلة من أفاعيله وأفاعيل عبيده فينبغي أن تكون زائدة متجدّدة. كيف لا؟! والعلم كذلك ، وذلك لا يوجب إلاّ التغير في الاضافات وفي الأمور المتباينة عن الذات. ولا يوهم التسلسل إذ يؤول الكلّ إلى الإرادة الأزلية / ٨١MA / والعلم الاجمالي كرجوع سلسلة الاسباب إلى ربّ الأرباب : قال الله ـ تعالى ـ : ( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) (١) ، وبذلك يرتفع المخالفة ؛ انتهى.
وحاصل كلامه تقسيم الإرادة إلى الاجمالية والتفصيلية ـ كالعلم ـ ، وكون القديمة هى الأولى ـ وهي الإرادة المتعلّقة بمطلق الفعل وبوجود العالم جملة ـ ، والحادثة هي الثانية ـ وهي المتعلّقة بخصوصيات الجزئيات المتغيّرة المتبدّلة من أفاعيله تعالى وأفاعيل عبيده ـ.
وأنت تعلم انّ صحّة ما ذكره موقوف على صحّة القول بالاجمال والتفصيل في علمه ـ تعالى ـ ، وسيجيء ـ إن شاء الله ـ الكلام فيه.
الشبهة الثانية : انّ القدرة على الأمر بمعنى التمكّن على فعله وتركه إمّا حال وجود الأثر ـ وحينئذ يجب وجوده ، فلا يتمكّن من الترك ـ ، وإمّا حال عدمه ، فلا يتمكّن من الفعل.
ولا يخفى انّ هذه الشبهة جارية في نفي القدرة بالمعنى الثاني ـ أعني : امكان الفعل والترك بالنظر إلى الذات ـ لا بالمعنى الثالث الملزوم للحدوث. وأيضا لا اختصاص لهذه الشبهة لنفي قدرة الواجب ـ تعالى ـ ، بل يجري في نفي قدرة العبد أيضا.
ثمّ الظاهر انّ تلك الشبهة انّما تنتهض حجّة على من قال انّ نسبة القدرة إلى الطرفين على السواء ـ كالمحقّق الطوسى وأكثر المعتزلة ـ ؛ وأمّا الأشاعرة القائلون بأنّ القدرة الواحدة لا تتعلّق بالطرفين بل تتعلّق بالطرف الواقع وانّ القدرة على الترك
__________________
(١) كريمة ٣٩ ، الرعد.