الفصل الأوّل
( في قدرته ـ تعالى ـ )
اعلم! أنّ للقدرة عند الحكماء تفسيرين :
أحدهما : صحّة صدور الفعل ولا صدوره (١) ؛
وثانيهما : كون الفاعل بحيث إن شاء فعل وإن لم يشاء لم يفعل (٢). والتفسيران متلازمان ، فانّ حاصلهما واحد وهو القوّة على الشيء والتمكّن من أن يفعله ومن أن لا يفعله جميعا ؛ فانّه لا ريب في انّ الفاعل إذا كان بحيث إن شاء فعل وان لم يشاء لم يفعل ، كان في ذاته مع قطع النظر عن المشية واللامشية بحيث يصح منه الفعل والترك وإن وجب الفعل بسبب المشية والترك بسبب عدمها. وإذا كان بحيث يصحّ منه الفعل والترك من حيث ذاته كان بحيث إن شاء فعل وإن لم يشاء لم يفعل ، فان المراد به أنّه إن شاء فعل إذا فرض عدم مانع خارجىّ ، وكذا إن لم يشاء لم يفعل إذا لم يكن سبب من خارج ؛ ولا ريب في أنّه إذا كان من حيث ذاته يصحّ منه الفعل والترك ولم يوجد مانع ولا سبب من خارج كان بحيث إن شاء فعل وإن لم يشاء لم يفعل.
ومن ظنّ انّ تفسير الأوّل للمتكلّمين والثاني للحكماء واثبت النزاع بينهما في تفسير القدرة فقد أخطأ ، فانّ الفريقين متفقان في تحديد القدرة الكمالية وتفسيرها ، و
__________________
(١) راجع : الشرح الجديد ، ص ٣١٠.
(٢) راجع : الشرح الجديد ، ص ٣١١.