السيد الدّاماد قدسسره ـ فيكون البتة محتاجا إلى وعاء وظرف يكون فيه ويتصف هو لا محالة بالتقدّر والتكمّم وغيره ، وكونه سابقا عليه بدون ذلك ممّا لا نقدر على تعقّله ، فلعلّه يحتاج إلى لطف قريحة لم يكن لنا! ، وإن لم يقولوا بسابقية العدم بحسب الحقيقة ـ كما يشير إليه بعض كلمات السيد رحمهالله حيث ذكر انّ في السبق الذاتي والزماني ليس الوجود مسبوقا بالعدم المقابل له ، إذ سلب الوجود في مرتبة نفس الماهية من / ٤٩MA / حيث هي لا يقابل الوجود الحاصل في حاقّ الواقع من تلقاء العلّة الفاعلة بل يجامعه ، وكذا العدم السابق على الوجود سبقا زمانيا لا يقابل ذلك الوجود لاختلاف الزمان ، بل يقابله العدم في ذلك الوقت الّذي كان فيه الوجود ، بخلاف الحدوث الدهري ، اذ ليس في الدهر توهّم الامتداد والانقسام اصلا ـ فلا يكون حدّ العدم الصريح السابق في الدهر متميّزا في التوهّم عن حدّ الوجود الحادث من بعد ، بل انّه يبطل عقد السلب الدهري ويقع في حيزه عقد الايجاب الثابت الدهري ، فلا يفهم حينئذ معنى للحدوث والمسبوقية بالعدم اصلا ، بل ليس القدم إلاّ هذا. وبالجملة ما افاده السيّد ممّا لا يصل إليه فهمي ولا يحيط به وهمي!.
والجواب : انّ الفصل بين الحوادث الزمانية انّما هو بالزمان ، ولا يتعقّل الانفصال والانفكاك بينهما دونه. وأمّا الفصل بين الثابت والحادث ـ كالواجب والعالم ـ انّما هو بالدهر الّذي هو نسبة بينهما ووعاء للزمان ولكلّ ما يوجد مبدعا في غير زمان. قال ارسطاطاليس في أثولوجيا : اصول العالم واركانه ـ كالافلاك والعناصر ـ ليست موجودة في الزمان ، بل في الدهر ، وصرّح أساطين الحكمة بأنّ كون الثابت مع مثله سرمد ومع المتغيّر دهر وكون المتغيّر مع مثله زمان ، والدهر وعاء للزمان والزمان كمعلول للدهر ، والدهر كمعلول للسرمد ، إذ لو لا دوام نسبة المعلولات إلى عللها ـ كنسبة الحوادث الزمانية إلى عللها والاجسام الأولية إلى العقول مثلا والعقول إلى الواجب والزمان إلى مبدئه ـ لم يوجد معلول عن علّته ، فيجب لذلك أن يتحقّق النسبة دائما بين الموجودات بعضها إلى بعض من المتغيّر بالذات إلى ما فوقه حتّى ينتهى إلى الثابت بالذات ، فيظهر ممّا ذكروه انّ هذا الدهر وعاء للمبدعات من غير زمان ، ولعدمها