العدم ازلية ذاته في الشبهة يرد عليه : / ٨٥DA / انّ مقدورية الوجود لا يستلزم مقدورية العدم بذلك المعنى ، فما ادّعى في الشبهة من الملازمة ممنوع.
وممّا ذكر يظهر ضعف ما قيل : يمكن أن يعلّل عدم صلاحية الأزلي لتعلّق القدرة بوجه آخر ، وهو : انّه لو كان أثرا لها لزم تحصيل الحاصل ، لأنّ الأزلي حاصل قبل تأثير القدرة ومع ذلك لو كان مقدورا لزم تحصيل الحاصل. ووجه الضعف : انّ المراد بالأزلي لو كان ازليا ذاتيا لا تسبقه قدرة وإرادة فلا ضير في عدم تعلّق القدرة به ، وليس ذلك محلاّ للنزاع ؛ وإن كان ازليا زمانيا فلا ريب في تقدّم القدرة وتأثيرها عليه ، فلا يلزم تحصيل الحاصل.
وقيل في الجواب : انّ هذا الوجه لا يجري إلاّ في القدرة الحادثة دون القدرة القديمة الّتي هي المقصودة هاهنا ، إذ العدم ليس بمتحقّق قبلها.
ولقائل أن يقول : انّ العدم الأصلي للممكنات وإن لم يكن متحقّقا قبل القدرة القديمة ـ لكونها قديمة ذاتية ـ إلاّ أنّه لا يمكن أن يقال : انّ القدرة القديمة متحقّقة قبله أيضا ـ لكونه أيضا ازليا ذاتيا ـ ، فلا يكون تأثير القدرة قبله. فلو كان مقدورا لزم تحصيل الحاصل ، على أنّ القدرة القديمة تعلّقها حادث والعدم الأزلى لا يستند إلى نفس القدرة القديمة ، بل إلى تعلّقها ، وتعلّقها لكونه حادثا يكون العدم الأزلي متحقّقا قبله البتة ، فتحصيل الحاصل لازم ؛ فالصحيح في الجواب ما ذكرناه.
وقد تلخّص ممّا ذكرناه انّ ما ذكر في الشبهة من عدم جواز كون الأزلي أثرا للقادر ـ ولذلك لا يجوز أن يكون العدم الاصلي الّذي هو أزلي متعلّقا للقدرة ـ ، ان أريد به الأزلي الذاتي على الّذي لا يسبقه شيء أصلا فلا ضير في عدم كون العدم الّذي كان بهذه المثابة مقدورا ، ولا يتحقّق وجود ممكن يكون بهذه المثابة حتّى يلزم الفساد ، لأنّ كلّ ممكن لا بد أن تسبقه / ٨٩MB / العلّة البتة زمانا أو ذاتا ، فمقدورية الموجودات بأسرها لا يستلزم مقدورية العدم بذلك المعنى ، فالملازمة بذلك المعنى (١) المذكورة في الشبهة ممنوعة ؛ وإن أريد بالأزلي ما لا تسبقه العلّة زمانا وإن سبقته ذاتا فعدم كون مثله أثرا
__________________
(١) الاصل : ـ بذلك المعنى.