نالت ، وإن كان ممّا لا ينال لقنطت! ، فيجب أن يكون المطلوب امرا كلّيا متجدّدا دائم الحصول ؛ وليس هو إلاّ التشبّه بذات قدسية كمالاته غير متناهية بالفعل ، فيتصوّر تلك الكمالات الفعلية الغير المتناهية ويشتاق إليها فيحصل منه الفعلية الموجبة للتشبّه. وليس فعليته إلاّ بالحركات المتشابهة الّتي يخرج اوضاعها من القوّة إلى الفعل ، فانّ الفلك إن ثبت على وضع واحد بقيت ساير الاوضاع ابدا بالقوّة وليس له ما بالقوّة إلاّ الاوضاع ، لانّ جميع الأشياء غيرها فيه بالفعل. ولا يمكنه أن يجمعها ويخرجها إلى الفعل دفعة فيخرجها على التعاقب الدائم والتدريج المستمرّ بانفعال جرمه عن تصوّرات شوقية وهيئات نورية ، كما أنّ تفكّر الانسان في شيء من المعقولات تتبعه حركات وهيئات من بدنه ، فانّ الضرورة قاضية بأنّ هيئات كلّ من النفس والبدن يتعدّي إلى صاحبه.
ثمّ هذا الأمر المجرّد القدسى الّذي يطلب التشبه به إن كان واجبا ثبت المطلوب ، وإلاّ فينتهي إليه ـ دفعا للدور والتسلسل ـ.
هذه هي الطريقة الثانية للطبيعيين مع إيضاح وتبيين.
والايرادات الّتي يتصوّر أن تورد عليها وجوه :
منها : انّه يجوز أن تكون تلك الحركات طبيعية لا بمعنى الهرب من الموضع المنافر للطبيعة إلى الموضع الملائم والفرار من المركز إلى المحيط أو العكس ـ كما هو العرف المشهور في الحركات الطبيعية ـ ، بل بمعنى كونها من مقتضيات الطبيعة الفلكية واغراضها اللازمة. فكما انّ النار يقتضي بطبعها وصورتها النوعية التسخين والإحراق وبعض العناصر يقتضي الميل إلى المركز وبعضها الميل إلى المحيط ، كذلك يجوز أن يقتضي الطبائع الفلكية تلك الحركات الدورية ، فانّ العقل والتجربة شاهدان / ٢٨MA / على أنّ كلّ طبيعة وصورة نوعية يقتضي فعلا خاصّا / ٢٧DB / وأثرا مخصوصا ولا يحتاج معه إلى علّة أخرى ، فيجوز أن تكون الحركات الوضعية على النحو الخاصّ مستندة إلى الطبائع الفلكية على سبيل الايجاب كسائر افعال الطبائع ؛
والجواب : انّه لو اقتضى الأفلاك بطبعها تلك الحركات على سبيل الإيجاب فلا يخلوا أنها إمّا أن تكون متناهية ، أو لا ؛ فعلى الأوّل يلزم حدوث الافلاك و