لا استحالة فيه ، إذ هو من لوازم الطبائع وخواصّ الاشياء ولا مدخلية للارادة الالهيّة.
ولا يمكن دفع تلك الشرور الاضافية ، لأنّ دفعها إنّما هو منع للأشياء والمهيات عن تأثيراتها الذاتية اللازمة لا نفسها الضرورية في نظام الخير ، وهو غير ممكن. فاذا ألقى انسان نارا على ثوب فاحترقه لم يكن لقائل أن يقول : لم لم يمنع الله ـ تعالى ـ هذه النار عن احراق الثوب؟ ؛ لأنّ كون النار محرقة وثبوت الاحراق لها عن اللوازم الذاتية لها ، فلا معنى لمنعها عنه. وكذا ليس له ان يقول : لم لم يمنع الله الانسان عن الالقاء؟ ؛ لأنّ هذا أيضا من لوازم اختياره وقدرته اللازمة في نظام الخير. فإيجاد لوازم النار وتأثيراته واختيار العبد وقدرته وان كان من الله ـ سبحانه ـ إلاّ أنّ المقصود بالذات من ايجادها إنّما كان ما يلزمها من الخيرات الجمّة والمنافع العظيمة ، ولم يكن المقصود من ايجادها احراق نفس محترمة أو مال محترم ، وانّما وقع ذلك إمّا بالعرض (١).
وعلى هذا فجواب الشبهة الثنوية : انّ الشرور لوقوعها بالعرض وعدم كونها مقصودة بالذات للواجب وعدم صدورها منه ـ تعالى ـ بلا واسطة لا يلزم كونها فاعلا للشرّ ، فلا يلزم كون الواحد خيرا شرّيرا ولا كون الخير المحض والفاعل للخير فاعلا للشرّ أيضا ولاستنادها إلى بعض الموجودات المخلوقة له ـ تعالى ـ وامكان صدورها عنه ـ تعالى بالنظر إلى الذات بلا واسطة ـ وإن لم يصدر عنه بالنظر إلى العلم والإرادة ـ لا يلزم وجود فاعل واحد مستقلّ للشرّ غير مخلوق له ـ تعالى كما قالت المانوية والديصانية ـ ، أو مخلوق له ـ تعالى ، كما قال المجوس ـ ، فلا يلزم نفى عموم القدرة. ويأتى لذلك زيادة بيان.
وثانيها : انّ الشرور الواقعة في العالم شرور قليلة لو تركت تركت الخيرات الكثيرة ، كما انّه لو لصغت اصبع واحدة ولم تقطع يسري السمّ إلى جميع البدن ، فقطع الاصبع وإن كان شرّا إلاّ أنّه شرّ قليل لو لم يفعل لادّى إلى ترك الخير الكثير. وعلى هذا فجميع الشرور الواقعة في العالم مستندة إليه ـ تعالى ـ. إلاّ أنّه لكونها شرورا قليلة لو تركت تركت الخيرات الكثيرة لم يكن في فعلها بأس ، بل يجب فعلها / ١٠٠DB /
__________________
(١) كذا في النسختين.