وجود الممكنات من السماوات وغيرها بطريق البخت والاتفاق (١) ، وقال : انّ احتياج الممكن إلى المؤثّر يوجب جواز تأثيره فيه ، اذ احتياجه إليه مع امتناع تأثيره غير معقول ، لكن تأثير أمر في أمر آخر محال ، لوجوه ؛
منها : انّ التأثير إن كان بشرط عدم الأثر لزم الجمع بين النقيضين ؛ وإن كان بشرط وجوده لزم تحصيل الحاصل (٢) ؛
والجواب : انّ المؤثر يؤثّر في الأثر لا من حيث هو معدوم ولا من حيث هو موجود ، بل يؤثّر فيه من حيث هو غير مقيّد بشيء من الوجود والعدم ، غاية الأمر انّ تحقّق التأثير في زمان وجود الأثر بمعنى أنّ التأثير يقارن وجود الأثر زمانا وان تقدّم عليه ذاتا ، فلا يتحقّق في زمان قبل زمان وجود الأثر ؛ بل تحقّقه إنّما هو في زمان وجوده. وهذا لا يوجب إلاّ لزوم تحصيل الحاصل بهذا التأثير المذكور ، ولا استحالة فيه ، انّما المحال التحصيل ـ أى : تحصيل الحاصل ـ قبل هذا التحصيل. وتوضيح ذلك انّ تاثير المؤثّر في ماهيّة ممكن ليس إلاّ ايجادها ـ أي : جعلها موجودة ـ وهذا الايجاد فعل يقارن زمان وجود هذه الماهيّة وإن تقدّم عليه ذاتا لترتّب الوجود على الايجاد ـ ولذا يقال : « اوجد فوجد » ـ ، فلا يتحقّق قبل وجودها زمانا. بل تحقّقها في زمان وجودها لا يوجب ذلك تحصيل ما كان حاصلا قبل هذا الفعل ، بل يوجب تحصيل الحاصل بهذا الفعل ولا استحالة فيه. انّما المحال تحصيل ما كان حاصلا قبل هذا الفعل ، وانّما / ٤DA / يتصوّر ذلك / ٤MA / إذا كان وجود الماهيّة شرطا للايجاد بان تكون موجودة قبله ، وليس كذلك.
ومنها : انّه لو اثّر شيء في غيره لاتّصف بالمؤثّرية ، والمؤثّرية وصف محتاج إلى الموصوف ، فيكون ممكنا محتاجا إلى المؤثّر ، فيتحقّق مؤثّريّة أخرى ؛ وننقل الكلام إليها حتّى يلزم التسلسل ؛
__________________
(١) راجع : شرح المقاصد ، ج ١ ص ٤٨٥. والقول عند صدر المتألّهين ورئيسهم منسوب إلى انباذقلس الحكيم. وهو عنده من مرموزات المتقدّمين لكتم اسرارهم الربوبية. راجع : الحكمة المتعالية ، ج ١ ، ص ٢١٠.
(٢) راجع : الحكمة المتعالية ، ج ١ ص ٢١١ ؛ شرح المقاصد ، ج ١ ، ص ٤٨٤.