إلى كلّ واحد من أصلي الخارج والتدوير. وامّا في جانب العدم بأن يكون معنى عامّ كعدم عامّ مشترك بين أعدام كثيرة سببا وعلّة لعدم معلول شخصيّ ، فلا ريب في صحّته كسببية عدم كلّ جزء من أجزاء العلّة اتفق سبقه أو مجموع جزءين عدما معا لعدم معلول شخصي. ولا ريب في أنّ ما نحن فيه من قبيل الأوّل ، لأنّ المطلوب جواز كون الواجب علّة موجدة لما أوجده غيره ، فيلزم أن تكون القدرة المشتركة بينهما علّة موجدة لواحد بالشخص.
وأجيب عن هذه الشبهة : انّه ليس المراد من المقدّمة المذكورة انّ هذا الشخص المعيّن من الفعل بوحدته الشخصية ووجوده الشخصي الصادر عن زيد مثلا ممكن الصدور بعينه عن قدرة الله ـ تعالى ـ حتّى يلزم ما ذكر من توارد العلل المستقلّة على المعلول الشخصي ، وكون المعنى العامّ علّة موجدة للواحد بالشخص ؛ بل المراد ـ خصوصا على رأي من قال باستقلال العباد في افعالهم ـ : انّ ذلك الفعل الصادر عن قدرة العبد يمكن أن يوجد ما هو معروض وجوده الشخصي ووحدته الشخصية بوجود آخر فائض عن محض قدرة الله بدل ذلك الوجود ؛ كما اشار إليه الحكيم الطوسي ـ رحمهالله في مبحث القدرة من الأعراض بقوله : « ولا يتّحد وقوع المقدور مع تعدد القادر (١) ». فانّ معناه : انّه لا يجوز أن يقع مقدور واحد من قادرين بوقوع واحد ؛ فيفهم منه انّه يجوز أن يقع منهما بوقوعين ، وذلك لا يتصوّر إلاّ بأن تقع ماهية المقدور تارة من قادر معروضة لوجود وأخرى من قادر آخر معروضة لوجود آخر بدل ذلك الوجود.
ثمّ ذلك ـ أي : اشتراك الماهية مع تعدّد الوجود الشخصي ـ لا يستلزم عدم اشتراك المقدور بالذات بين الواجب والعبد ، نظرا إلى أنّ الوجود الصادر من الواجب مغاير بالشخص للوجود الصادر من العبد ، بل هو ـ أي : المقدور بالذات ـ واحد مشترك بينهما ، إذ المجعول ـ وهو المقدور بالذات ـ هو الماهية المعروضة للوجود والشخص إمّا
__________________
(١) راجع : تجريد الاعتقاد ، المسألة الثالثة والعشرون من الفصل الخامس من المقصد الثاني ؛ كشف المراد ، ص ١٩٢.