وغير ذلك مما هو مذكور في مظانّه ـ. وقد صنّف الحكماء في عجائب الخلق ودقائق الصنع وفي ضبط بعض المصالح / ٣٨MA / والحكم كتبا كثيرة.
ولا ريب انّ العاقل اللبيب إذا تعقّل هذه الحكم والمصالح يعلم قطعا انّ الجاعل الحقّ انّما أوجد هذه الأشياء ورجّح وجودها على عدمها لأجل هذه الحكم والمصالح وليس فيه غرض يرجع إلى نفسه حتّى صار باعثا للاستكمال.
وهذا الدليل كما يثبت قدرته ـ تعالى ـ بالمعنى المذكور يثبت علمه وارادته ومشيته وأكثر صفاته الكمالية ـ كما لا يخفى على أولى العقول العالية ـ.
فان قيل : قد يشاهد في العالم أشياء لا يدري لها منفعة ، بل وقد يعلم لها مضرّة ومنقصة! ؛
قلنا : مثل هذا كمثل صورة منقوشة في الجدار وكانت فاقدة لبعض أعضائها ، فانّا إذا رأيناها فلا نشكّ في علم مصوّرها وصدورها عن خبرة بها وغرض فيها ، ونقطع بأنّ ذلك لحكمة يراها ومصلحة يعلمها وإن لم نكن عالمين بها.
فان قيل : ذاته ـ تعالى ـ علّة لتعقّل النظام الأصلح والتعقّل علّة لايجاده ، ولا ريب انّ ذلك وإن اثبت علمه ـ تعالى ـ بالنظام الأصلح وما اشتمل عليه من دقائق الصنع وعجائب القدرة إلاّ انّه لا يستلزم قدرته بمعنى امكان الفعل والترك ، لانّه كما أنّ ذاته علّة للتعقّل علي سبيل الوجوب فتعقّله علّة لايجاد ما تعقّله على سبيل الوجوب أيضا من غير أن يتساوى الفعل والترك بالنسبة إلى ذاته ويستند ترجيح الفعل إلى ملاحظة الحكم والمصالح ، بل ذاته ـ تعالى ـ من حيث تعقّله لتلك الحكم والمصالح علّة مستقلّة لايجاد النظام ولا يجوز التخلّف ولا يحتاج إلى المرجّح ، فانّه لا ريب انّ تمثّل النظام الأصلح في ذاته ـ تعالى ـ انّما هو لأجل مناسبة ذاته المقدّسة له من حيث الخيرية والصلاح ، لانّ الخير المحض لا يناسب إلاّ الخير المحض ، فهو انّما يتعقّل الخير المحض وتعقّل الخير المحض ، فتعقّل الخير والأصلح وفعلهما لازم ذاته ، فالفعل غير معلّل بكونه حسنا وخيرا ؛
قلنا : لو لم يكن المتعقّل خيرا وحسنا لم تكن ذاته ـ تعالى ـ علّة مستقلّة لايجاده