بين العلّة والمعلول لازمة والواحد من حيث هو واحد لا يناسب المختلفين.
والجواب : انّ وجوب المناسبة بين العلّة والمعلول أوجب عدم جواز كون الواحد من حيث هو واحد علّة لكثير ومعلولا لكثير من حيث هو كثير في مرتبة واحدة ، لأنّ الواحد إذا كان علّة لكثير أو معلولا له يجب أن يكون مناسبا لهؤلاء الكثير والوحدة من حيث هي وحدة مغايرة ومخالفة للكثرة من حيث هي كثرة ، فلو كان الواحد من حيث هو واحد مناسبا للكثرة من حيث هي كثرة لكان مغايرا ومخالفا لنفسه ، فعدم جواز التسلسل بين الواحد والكثير إنّما إذا كان أحدهما علّة للآخر من حيث الكثرة أو الوحدة والآخر معلولا له من حيث المقابل ، فلو كان الواحد علّة لكثير أو معلولا له من حيث اشتماله على جهات تعدّد الكثير أو من حيث اشتراك الكثير في جهة واحدة أو كونه في مراتب كثيرة لكان جائزا. ولذا صرّح الحكماء بأنّه إن كان كثير معلولا أو علّة لواحد يجب أن يكون لها مراتب كثيرة / ٩٨DB / أو يكون للواحد جهات تعدّد الكثير أو للكثير اشتراك في جهة واحدة يكون الفعل بينهما بهذا الاعتبار. وإذا عرفت ذلك تعلم انّ امكان صدور واحد بعينه من قدرة الواجب بذاته ومن قدرة زيد هي صادرة عن قدرة الله لا يوجب علّية الكثير من حيث هو كثير للواحد من حيث هو واحد ؛ ولا يدفع المناسبة بين العلّة والمعلول ، لأنّ قدرة زيد لمّا كانت صادرة عن قدرة الله فبين القدرتين مناسبة البتة ، والفعل الواحد بالشخص لمّا كان صادرا عن قدرة زيد فيكون مناسبا لها ، وإذا كان مناسبا لها يكون مناسبا لقدرة الواجب أيضا ، لأنّ المناسب للمناسب مناسب. فعلّية الواجب وزيد لهذا الفعل الواحد انّما هو من جهتين مناسبتين هما : القدرة الواجبة الثابتة له ـ تعالى ـ بذاته ، و: قدرة زيد الفائضة منه ـ سبحانه ـ. فتتحقّق في الكثير ـ أعني : الواجب وزيد ـ جهة مشتركة ـ أي : مفهوم القدرة ـ بها يتصحّح كون الواجب وزيد علّتين لواحد شخصي.
وأنت تعلم انّ هذا القول ـ أي : جعل العلّة للواحد الشخصي هو القدرة المشتركة بين الواجب وبين زيد ـ يستلزم فسادين :
أحدهما : انّه يلزم أن يكون المعنى العامّ مع ضعف وحدته ووجوده علّة موجدة