الامكان وهو وصف مشترك بين جميع الممكنات ، فيكون معلوله ـ أعني : المقدورية ـ عامّا في جميعها ، فيكون جميع الممكنات مقدورا له ـ تعالى ـ.
ويمكن أن يراد من « الصفة » : الاحتياج إلى المؤثّر.
ثمّ المراد منه إمّا اثبات عمومية القدرة بالمعنى لجميع الممكنات بلا واسطة أو اعمّ من أن يكون بواسطة أو بدونها ، وإمّا اثبات عمومية القدرة المستجمعة لجميع شرائط التأثير بالنسبة إلى جميع الموجودات إمّا بلا واسطة أو اعمّ من أن يكون بواسطة. وقد عرفت انّ مطلوب القوم وما هو محلّ النزاع من هذه الاحتمالات ما ذا ، وانّ أيّا من هذه الاحتمالات يمكن أن يثبت بهذا الدليل وايّا منها لا يمكن أن يثبت به.
وقيل : يمكن أن يراد « بالعلّة » في تلك العبارة : دليل اختيار الواجب ـ وهو الحدوث ـ ، ويكون المراد : انّ الحدوث لمّا كان عامّا بالنسبة إلى كلّ افعاله يكون اختياره عامّا بالنسبة إلى كلّ افعاله. وعلى هذا لا يكون المراد تعميم القدرة بالمعنى المشهور بالنسبة إلى كلّ الممكنات ، بل يكون المراد : انّ صدور كلّ افعاله إنّما هو بالقدرة والاختيار.
وأنت تعلم انّ المراد من القدرة حينئذ : القدرة الملزومة للحدوث ؛ وغير خفيّ انّ اثبات هذا الأمر قليل الفائدة جدّا بالنسبة إلى ما هو مطلوب القوم.
تتميم
اعلم! أنّ هذا الاصل ـ أعني : عموم قدرة الله وشمولها لجميع المهيات الامكانية ـ أعظم الأصول الملية ، وقد ابتنى عليه كثير من المطالب الاسلامية.
والمخالف فيه فرق أعظمها : الثنوية ، القائلون بفاعلين اثنين ،
منهم : المانوية : أصحاب ماني الحكيم البابلي الّذي ظهر في زمان / ٩٩DB / سابور بن أردشير بن بابك ، وذلك بعد عصر عيسى ـ عليهالسلام ـ ، فأخذ دينا بين المجوسية والنصرانية فقال بنبوّة المسيح ، وزعم انّ العالم مصنوع من أصلين قديمين أحدهما : نور ، والآخر : ظلمة. وأنّهما أزليان لم يزالا ولا يزالان ، وهما حسّاسان سميعان ودرّاكان