وبالجملة النزاع هنا يرجع إلى النزاع في حدوث العالم وقدمه (١) ، فلا بدّ لنا أوّلا من / ٣٨MB / تحقيق الحقّ في هذه المسألة الّتي هي اعظم المسائل الحكمية ويبتنى عليها كثير من القواعد الاسلامية (٢) ؛ ثمّ نشير إلى تحقيق الحقّ في القدرة بهذا المعنى.
فنقول ـ وبالله التوفيق ـ.
( تحقيق )
( حول كيفيّة حدوث العالم )
إنّ المعروف من مذهب الحكماء انّ العالم حادث بالحدوث الذاتي ، والمراد به تأخّر وجود العالم عن علّته تأخّرا بالذات ـ أي : بحسب المرتبة العقلية ـ لا في الخارج ومتن الاعيان ، فلا يتحقّق بين وجود الواجب ووجود العالم انفصال في الخارج (٣).
وذهب السيد المحقّق الداماد / ٣٨DA / وجلّ من تأخّر عنه إلى أنّه حادث بالحدوث الدهري. والمراد به تأخّر وجود العالم عن الواجب تأخّرا انسلاخيا انفكاكيا (٤)! ـ أي : وجوده بعد العدم الصريح المحض البحت الّذي ليس زمانيا ولا سيالا ولا متكمّما ولا متقدّرا ـ. وعلى هذا فالعالم ينفكّ عن الواجب في الواقع ونفس الأمر ، إلاّ أنّ هذا الانفكاك ليس زمانيا. والحاصل ـ كما افاده السيّد رحمهالله ـ انّه مسبوقية الوجود بالعدم الصريح المحض ، لا مسبوقية بالذات ، بل مسبوقية انسلاخية انفكاكية غير زمانية ولا سيالة ولا متقدّرة ولا متكمّمة.
وجمهور المتكلّمين ذهبوا إلى أنّه حادث بالحدوث الزماني. والمراد به تأخّر وجود العالم عن العلّة تأخّرا زمانيا ، بمعنى انّ العدم الفاصل بين الواجب وبين العالم عدم زماني ممتدّ ، لأنّه ينتزع من الواجب قبل وجود العالم زمان موهوم هو وعاء هذا العدم ، فينسب هذا العدم إليه.
فتلخيص اقسام الحدوث :
__________________
(١) راجع : تلخيص المحصّل ، ص ٢٦٩.
(٢) قس : رسالة الحدوث ، ص ١٨٢.
(٣) راجع : المباحث المشرقيّة ، ج ١ ص ١٣٤ ؛ الحكمة المتعالية ، ج ٣ ، ص ٢٧١ / ٢٤٦.
(٤) راجع : القبسات ، ص ٤.