أمّا قبل الفعل فلعدم القدرة بالفعل ، وأمّا حال الفعل فللامتثال ، وإذا لم يتحقق القدرة بالفعل فأيّ فائدة لإمكانها؟ ، وما يفيد التمسّك بتحقّق هذا الامكان؟. فانّ الكافر في الآن الّذي بقي على كفره ولم يؤمن إن كان الايمان ممكنا له فيه وكان من شأنه وفي تمكينه وقوّته أن يؤمن فيه فكان له قدرة بالفعل فيه ، وإن لم يكن ذلك ممكنا له ولم يكن ذلك في قوّته وتمكّنه فيلزم التكليف بما لا يطاق لو كان مكلفا بالايمان فيه ، فلا يفيد القول بتحقّق امكان المقدورية. بل التحقيق انّه لا معنى للقول بتحقّق امكان المقدورية دون تحقّق المقدورية بالفعل ، فانّ معنى امكان المقدورية ـ على ما هو الظاهر ـ أن لا تكون القدرة حاصلة بالفعل للفاعل ولكن يمكن له احداث القدرة في ذاته. فالكافر في زمان كفره وإن لم تكن له قدرة بالفعل على الايمان فيه إلاّ أنّه كان من شأنه وفى قوّته أن يحدث القدرة في نفسه ثمّ يؤمن فيه بتلك القدرة المحدثة. ومعلوم على كلّ عاقل انّ التمكّن والقوّة على احداث القدرة في الزمان المذكور ليس إلاّ القدرة الفعليّة ، لان القدرة على احداث القدرة لو كان لها معنى محصّل هو عين القدرة ؛ وإن لم يكن من شأنه احداث القدرة فيه بل كان احداث القدرة على الفعل وايجادها من جانب الله ـ تعالى ـ فأيّ معني لامكان القدرة له. وحمل الامكان على امكان أن يفاض عليه القدرة من جانب الله ـ تعالى ـ ما يفيد في دفع التكليف بما لا يطاق ـ على تقدير عدم الإفاضة ـ ؛ فلزوم التكليف بما لا يطاق حينئذ لازم.
وبذلك يظهر أن صيرورة القدرة فعلية في آن الفعل يتوقّف على سبق قدرة أخرى تكون منشئا لفعليتها ، لأنّ تلك القدرة المقارنة للفعل صفة حادثة محتاجة إلى فاعل ؛ فنقول : فاعلها إن كان هو العبد فلا بدّ له في احداثها من قدرة أخرى ، فتكون له قدرة متقدّمة على الفعل البتة ، وبه يثبت المطلوب ، وإن كان هو الله ـ تعالى ـ فلا يكون لامكان مقدورية الفعل للعبد معنى ، و/ ٨١DB / حمل الامكان على ما ذكر غير مفيد ـ كما عرفت ـ ، فالتكليف بما لا يطاق لازم على كلّ حال.
وبما ذكرناه يظهر ضعف ما ذكره بعض الأعلام : بانّه يمكن أن يقال من قبل الأشعري : انّ التكليف بغير المقدور بالفعل مع امكان كونه مقدورا لا فساد فيه ، و