مطلقا ـ نمنع صغرى القياس الأوّل ، إذ لعلّ من الممكنات ما لا يمكن صدوره عن الغير بالارادة ـ كالافعال الصادرة عن الطبائع ـ. مع أنّه لا حاجة حينئذ أيضا إلى التطويل المذكور وجعل الاستدلال المذكور قياسين ، إذ يكفي حينئذ أن يقال : كلّ ممكن له امكان الصدور عن الغير بالارادة ، وكلّ ما له امكان الصدور عن الغير بالارادة له امكان الصدور عن الواجب بالارادة ـ لانتهاء جميع الأغيار إليه تعالى ـ ؛ فينتج : انّ كلّ ممكن له امكان الصدور عن الواجب بالارادة. فقد ظهر انّ جعل الاستدلال المذكور قياسين مع وجود قيد « الإرادة » لا ينفع في الغرض المذكور ـ أي : ادخال ما له امكان الصدور بالايجاب ـ ؛ وانّما ينفع فيه حذف هذا القيد وهو موجود في كلام المستدلّ. وبالجملة لا ريب في انّه مع أخذ الإرادة في الاستدلال المذكور والقول بأنّ حذف المستدلّ له اخيرا بناء على الظهور أو لعدم الاحتياج إليه يكون الاستدلال ناقصا غير ناهض لاثبات المطلوب ـ سواء أريد من المقدور ما يصلح لتعلّق القدرة به أو الممكن ، وسواء جعل قياسين أو قياسا واحدا ، كما تقدّم ـ ؛ لورود ما اشرنا إليه من عدم دخول ما يصدر عن الشيء بالايجاب ؛ ومن منع الصغرى ، إذ لا نسلّم انّ كلّ ممكن له امكان الصدور عن الغير بالارادة ، بل لا نسلّم ذلك في كلّ موجود أيضا فضلا عن الممكنات الغير الموجودة. فهو لا ينتهض على اثبات شيء من الاحتمالات المذكورة للعنوان المذكور فضلا عن الاحتمال الّذي ذكرنا هو انّه هو المقصود ـ أعني : شمول القدرة لجميع الممكنات الموجودة والمعدومة ـ ؛ هذا.
ويمكن أن يجعل الصغرى والكبرى في الاستدلال المذكور عكس ما تقدّم ، بأن يجعل المحمول موضوعا وبالعكس حتّى تصير صورة القياس هكذا : كلّ ما له امكان الصدور عن الغير بالارادة فهو مقدور ، وكلّ مقدور فله امكان الصدور عن الواجب بالارادة ، لينتج : كلّ ما له امكان الصدور عن الغير بالارادة فله امكان الصدور عن الواجب بالارادة.
وهو كسابقه ـ أي : عكسه ـ في امكان جعله قياسين ؛ وفي ورود ما يرد عليه.
فانّ المراد من المقدور حينئذ ـ أعني : الاوسط ـ ما يصلح لتعلّق القدرة به ، فلا يكون