تأثير العالم مع وجوب وجوده متغايرين لمجرد الاعتبار فيلزم الايجاب الرافع للترك بحسب الواقع ، بل الترك حينئذ يكون لمجرد تحليل العقل بالنسبة إلى ماهية العالم الممكنة الوقوع في أيّ وقت كان ، فكيف يكون الاختيار الّذي يقول به المتكلّم ـ أي : الاختيار الّذي يوجب الترك بحسب الواقع (١) ـ.
وأنت تعلم / ٨١MB / انّ هذا الاشكال نظير ما تقدّم من أنّ الإرادة في الواجب ـ تعالى ـ إذا كانت عين ذاته فكيف يتحقّق امكان الصدور واللاصدور بالنظر إلى الذات ، بل حينئذ يلزم وجوب الفعل بالنظر إلى الذات لوجوبه بالارادة الّتي هي عين الذات.
والجواب عن هذا الاشكال على نظير ما تقدّم من (٢) أن علّة صحّة ترك العالم هي ذات القادر من حيث هي وعلّة وجوب وجوده في وقت الحدوث ليس مجرّد الإرادة الّتي هي عين الذات ، بل أصلحية موجودية العالم بهذا النحو أو ذات الوقت ـ كما تقدّم ـ ، فالعلّتان متغايرتان ، فلا يلزم اتحاد المعلولين.
وقيل في الجواب (٣) : انّ امكان الترك الّذي هو من مقتضى القدرة بالنسبة إلى ماهية العالم بحسب الواقع لا يقتضي تخالف المعلولين في الواقع ، لأنّ الواقع وجب وجوده بعد العدم الواقعي اللائق له موصوف بصفة المتروكية له في الأزل ، وهو أيضا موصوف بصفة وجوب الوجود بالغير في مرتبة وجوده بالنظر إلى علم الله ـ تعالى ـ بوقوعه على أتمّ الوجه. فالترك والوجوب ـ اللذان وقعا صفتين للعالم ـ متحدان بالذات متغايران بالاعتبار ، لأنّ كون العالم متروكا في الأزل موجودا فيما لا يزال ليس أمرين متغايرين بالذات بالقياس إلى العالم ، بل تغايرهما بمجرّد الاعتبار ، لأنّ اعتبار تركه في الأزل بملاحظة مهيته الممكنة بالنسبة إلى قدرته ـ تعالى ـ واعتبار وجوب وجوده فيما لا يزال بملاحظة أصلحية هذا النحو من الوجود له بالنسبة إلى علمه ـ تعالى ـ بالأصلح الموجب لوجوده في هذا الوقت ؛ انتهى.
__________________
(١) راجع : شرح الاشارات ، المطبوع مع المحاكمات ، ج ٣ ، ص ٣٠٠ ؛ شرحي الاشارات ، ج ٢ ، ص ٧٠.
(٢) الاصل : ـ من.
(٣) هامش « د » : القائل آقا حسين التنكابني.