انفكاكه عنه ولا يقع خلاف مقتضاه ـ كاللوازم الذاتية للماهية ـ ، ولا ريب أنّ الممكن لو اقتضى رجحان احد الطرفين لذاته يكون رجحانه من هذا القبيل ، فلا يمكن أن يصير مرجوحا بالغير ـ لانّ ما بالذات لا يتخلّف ، كما مرّ ـ. والثاني كون الشيء مقتضيا لشيء آخر بحيث جاز انفكاكه عنه ووقوع خلاف مقتضاه من الخارج ، كالماء مثلا فانه قد يتصف بالحرارة مع انّ مقتضى طبعه البرودة ـ بناء على انّ اقتضاء طبعه البرودة ليس اقتضاء تامّا ، بل إذا خلّى وطبعه كان مقتضيا له ـ. ونظير ذلك كثير ، كالحجر المرمى إلى الفوق قسرا فان طبيعته تقتضى الحركة إلى المركز ؛ والأخلاق التابعة للامزجة ، فانّ الامزجة تقتضيها مع انّ زوالها وحصول منافياتها ممكن بالرياضات.
وثالثها : انّ غاية ما لزم من الدليل أن يكون العدم ممتنعا نظرا إلى ذاته ، والامتناع الذاتى لا يستلزم كونه ممتنعا مطلقا بحيث لا يقع ، ولم لا يجوز أن يقع لمرجّح غالب من خارج امّا بازالة المرجوحية أو بدونه؟! ، فانّ المرجوحية بالنظر إلى الذات لا ينافي الراجحية بالنظر إلى الغير ، فان غلب الغير المرجّح دفع المرجوح كما أنّ التساوي بالنظر إلى الذات لا ينافى الرجحان بالنظر إلى الغير.
وفيه : ما تقدّم من انّ الرّاجح بالذات لا يصير مرجوحا بالغير والمرجوح بالذات لا يصير راجحا بالغير ، لانّ ما يقتضيه الذات بالاقتضاء التامّ لا يتخلّف ، والمتنافيان لا يجتمعان ولو بالف علّة. على أنّ الكلام في انّه مع تحقّق الرجحان الذاتى لاحد الطرفين يكون الطرف الآخر مرجوحا ؛ فما دام الرجحان متحقّقا لأحد الطرفين / ٧MB / يكون الطرف الآخر مرجوحا ، لانّ رجحان أحد الطرفين يستلزم مرجوحية الطرف الآخر. فاذا كان الرجحان بالنظر إلى / ٧DB / الذات يكون المرجوحية أيضا بالنظر إلى الذات ، فالمرجوح مع كونه مرجوحا يمتنع أن يكون راجحا ، لامتناع ترجّح المرجوح. وإذا امتنع وقوع المرجوح يكون وقوع الطرف الراجح واجبا ، فما فرض غير منته إلى حدّ الوجوب يكون منتهيا إلى حدّ الوجوب ، هذا خلف!. والحاصل انّ الكلام في صورة تحقّق الراجحية والمرجوحية لا مطلقا ، فاذا فرض زوال المرجوحية لمرجّح غالب من خارج يخرج الكلام عن محلّ النزاع ويصير من باب ترجيح الغير