صفة يجب أن يكون مفيض ذاته بذاته ، بل يجب أن يكون امّا مقتضى ذاته بذاته أو مع اعتبار صفة اخرى ، وحينئذ فلا ايراد ؛ إذ نحن أيضا نقول : انّ ايجاد العالم واجب له ـ تعالى ـ مع اعتبار الإرادة ، وانّما نقول انّه ليس بواجب بالنسبة إلى ذاته بذاته ، ولا ضير فيه ؛ انتهى.
وقيل في دفع الايراد المذكور (١) : انّ مرادهم من قولهم : واجب الوجود بالذات واجب الوجود من جميع الجهات : انّه لا يمكن أن يكون في ذاته جهة وحيثية امكانية بحسب الواقع ونفس الأمر ، لا أنّه بجميع الجهات والاعتبارات الفرضية العقلية الّتي بمحض تحليل العقل واعتبار المعتبر واجب ، فانّهم صرّحوا بأنّ ذاته ـ تعالى ـ من حيث هي نائب مناب بعض الصفات ومنشئا لآثاره معلول ومتأخّر عن ذاته من حيث هي نائب مناب صفة أخرى ومنشئا لآثارها.
وقال الشيخ في سابع ثامنة إلهيات الشفا : ولا نبالي بأن تكون ذاته ـ تعالى ـ مأخوذة مع اضافة ما ممكنة الوجود ، فانّها من حيث هي علّة لوجود زيد ليست واجبة الوجود ، بل من حيث ذاتها (٢) ؛
وعلى هذا فلا مانع من أن يكون الواجب من حيث أنّه موجد للعالم ومؤثّر فيه ممكنا. بمعنى أنّ هذه الصفة ـ أعني : ايجاد العالم ـ لمّا كانت صفة اضافية أحدث مع الذات ، فالذات مع اعتبارها ليست واجبة.
وهذا الجواب قريب من الجواب الأخير الّذي نقلناه من بعض الأفاضل من أنّ بعض الصفات انّما يجب من اعتبار صفة أخرى لا من مجرّد الذات ، لأنّ المراد من عدم وجوب الذات المأخوذة مع اضافة ما انّ هذه الإضافة الّتي هي صفة اضافية لا يلزم أن تكون واجبة بالنظر إلى الذات ، بل وجوبها يتوقّف على صفة أخرى.
وحاصل الجواب يرجع إلى أنّ الصفات الّتي يجب للواجب لذاته هي الصفات الذاتية الحقيقية ، دون الصفات الاضافية ؛ هذا.
__________________
(١) في هامش « م » : ميرزا ابراهيم ابن ملاّ صدرا.
(٢) راجع : الشفا / الإلهيّات ، ج ٢ ، ص ٣٦٦.