قدم العالم أو حدوث الباري ـ تعالى عن ذلك علوّا كبيرا! ـ ؛
قلنا : لا يلزم شيء منهما ، وانّما يلزم لو كانت هذه المعية زمانية وليس كذلك. وليس من شرط كلّ معية أن تكون زمانية إلاّ إذا كان المعان كلاهما زمانيين ، والواجب ـ تعالى ـ غير زماني ، لأنّه موجد الزمان وما فيه.
فان قلت : إذا لم تكن معيته لشيء زمانية فعلى أي : نحو تكون معيته للعالم؟ ؛
قلنا : نحن نجزم بتحقّق معيّة غير زمانية للواجب ـ تعالى ـ بالنسبة إلى العالم بالبرهان الدالّ عليه ، وإن اشكل علينا تصوّر كنه تلك المعية وملاحظة أحوال المكان ، يعنى على تصوّر ما ذكرناه من أحكام الزمان ؛ انتهى. هذا ؛ واعترض بعض الفضلاء على ما ذكرناه من عدم الفرق بين صورة الاكتساب والاختيار في ورود المقدّمة المذكورة بأنّ قول المعتزلة بكفاية الداعي في تخصيص ايجاد الحادث بوقته انّما هو على تقدير الاختيار لا مطلقا ، إذ لو قالوا بالايجاب المذكور واقتضاء الداعي القديم امتناع انفكاك الذات عن ايجاد العالم لكان فرض حدوثه حينئذ محالا ومخالفا لما هو مقتضى الداعي المذكور ، فلا يمكنهم أن يسندوا التخصيص بوقت حدوثه إلى مثل ذلك الداعي البتة ، واسنادهم التخصيص إلى الداعي في صورة الاختيار انّما هو لاعتقادهم انّ الداعي لا يدعوا إلاّ إلى معدوم ، فيقتضى نحوا من الانفكاك. والحاصل انّ الداعي المعتبر في الموجب مباين للداعي المعتبر في المختار في الاقتضاء ، فلا يمكن أن يسند إلى أحدهما اقتضاء الآخر ، فعدم جريان القول بمقتضى الداعي المعتبر في المختار في صورة فرض الايجاب مع الحدوث ليس توهّما ، انّما التوهّم عدم الفرق بين مقتضى الداعيين وتسوية صورة الايجاب والاختيار في جواز استناد التخصيص المذكور إلى الداعي ، فلا يتيسّر للقائل بالايجاب المذكور منع المقدمة المذكورة مستندا إلى الداعي لعدم كفايته للتخصيص المذكور إلاّ على تقدير الاختيار. ولذلك ترى القائلين بهذا الايجاب من الفلاسفة لم يسندوا إلى الداعي الّذي اعتبروا في الموجب بهذا الايجاب تخصيصا هربا عن لزوم الاختيار ، حتّى أنّهم في تصحيح الحوادث اليومية بأوقاتها وارتباطها بفاعلها القديم اضطرّوا إلى اختيار القول بالحركة السرمدية وشغلوا ذممهم