الحركة ، ففيه : انّ الفرض كون تلك الحركة شرطا لايجاد الواجب ؛ وعلى هذا التقدير يكون المحلّ متقوّما. وبذلك يظهر انّ تسليم جواز استناد الحركات والأفعال إلى الممكن لا يصير منشئا لثبوت الواسطة المذكورة ، إذ من يدّعي ثبوتها يدّعي استناد العالم الجسمانى إليها وهو مركّب من الجواهر والأعراض المادية المباينة بالنسبة إلى تلك الواسطة المجرّدة. فاذا كان مجرّد عدم جواز صدور الجواهر والاعراض المباينة عن الممكن مسلّما بطل حديث الواسطة وإن جاز صدور الاعراض الغير المباينة عنه. وبالجملة بطلان الواسطة المفروضة ممّا لا ريب فيه ؛
ولو سلّم عدم تمامية الوجه الأخير الّذي عوّل عليه الأكثر لما أورد عليه من جواز استناد المعلول إلى الجهة المستندة إليه ـ تعالى ـ ، لتمامية باقي وجوه السابقة. وبه يظهر صحّة الاستدلال بحدوث العالم الجسماني على قدرة الواجب ـ تعالى ـ بأيّ معنى كان من المعانى الثلاثة.
تتميم
قول الحكيم الطوسي في التجريد : والواسطة غير معقولة (١) ، اشارة إلى نفي تلك الواسطة كما صرّح به في نقد المحصّل ، فانه قال فيه بعد نقل الاعتراض الّذي ذكرناه على الاستدلال بالحدوث على القدرة من امكان الواسطة المعروضة : والمعتمد في ابطالها أنّ الواسطة يمتنع أن يكون واجبة الوجود لامتناع أن يكون الواجب أكثر من واجب ، فاذن هي ممكن وهي من جملة العالم ـ لأنّ المراد من العالم ما سوى المبدأ الأوّل ـ ، فاذن وقوع الواسطة بين الواجب الوجود لذاته وبين العالم محال (٢) ؛ انتهى.
وتوجيه الشارح الجديد لتلك العبارة (٣) موافق لمّا في نقد المحصّل. وقد ذكروا لها توجيهات أخر مذكورة في بعض الحواشي بعيدة عن الحقّ غير مستحقّة للذكر. وما لا بأس منها نذكره :
__________________
(١) راجع : تجريد الاعتقاد ، المسألة الاولى من الفصل الثاني من المقصد الثالث ؛ كشف المراد ، ص ٢١٧.
(٢) راجع : نقد المحصّل ص ٢٧٥.
(٣) راجع : الشرح الجديد ، ص ٣١٠.