يلزم التسلسل ويتوقّف تمامية الاستدلال على ابطاله ، ولا يلزم الدور.
وما ذكره الفاضل اللاهيجي ـ رحمهالله ـ من عدم جواز توقف الطبيعة باعتبار وجودها في ضمن فرد على نفسها باعتبار وجودها في ضمن فرد آخر في الايجاد ، مدفوع بأنّ عدم جواز كون الطبيعة بأحد الاعتبارين علّة موجدة لنفسها بالاعتبار الآخر مسلّم ، إلاّ انّه لا يلزم ذلك فيما نحن فيه على تقدير عدم الواجب ، لانّ العلّة (١) ليست إلاّ الفرد الّذي هو ماهية مع الوجود الخاصّ والوجود المطلق أمر عرضي تابع منتزع منه ، فانّ الوجود الواجبي الّذي هو علّة الأشياء ليس ما ينتزع منه من الوجود المطلق ، بل وجوده الخاصّ الّذي هو عين حقيقته. وإن كان مراده انّ كلاّ من الطبيعتين غير موجودة في الخارج بل هما اعتباريان ولكن الدور متحقّق بينهما والدور محال ـ سواء كان بين موجودين في الخارج أو بين اعتباريين منتزعين ـ ، فلا يحتاج في الاستدلال إلى التمسّك بوجود الطبيعة في الخارج ، بل يتمّ على تقدير أخذ الطبيعة مطلقا ، أو طبيعة الايجاد ـ أي : المفهوم المشترك سواء كان موجودا في الخارج أو مفهوما انتزاعيا اعتباريا محضا ـ لها تقدّم على طبيعة الوجود كذلك ، فلطبيعة الايجاد حصول / ١٦DA / في مرتبة من مراتب نفس الأمر ليس فيها حصول لطبيعة / ١٦MA / الوجود ، وكذا طبيعة الوجود ـ أي : المفهوم المشترك سواء كان موجودا في الخارج أو مفهوما انتزاعيا اعتباريا محضا ـ لها تقدّم على طبيعة الايجاد كذلك ، فيلزم الدور وهو باطل مطلقا.
ففيه : انّ الدور بين الاعتباريين وإن كان باطلا أيضا إلاّ أنّه لا يمكن الاستدلال به هنا ، لأنّه لو اخذت الطبيعة غير موجودة في الخارج فلا ريب في أنّه لا يتصوّر حصولها في مرتبة من مراتب نفس الأمر منفكّة عن ثبوتها لأفرادها ، فيكون لها حصولات متعدّدة في نفس الأمر بحسب تعدّد الافراد ، وما هذا شأنه يمكن توقّفه باعتبار أحد وجوداته على نفسه باعتبار وجود آخر ؛ واندفاع جواب الفاضل اللاهيجي هنا أظهر.
__________________
(١) في الاصل : ... مدفوع بان عدم الجواز لو سلّم انّما هو إذا كانت الطبيعة بأحد الاعتبارين علّة موجدة لنفسها بالاعتبار الاخر العلّة.