باعتبار بقائه وازليته ، وتقدّم العدم على العالم تقدّم بالزمان ، ولكن مرادنا بالزمان ليس مقدار حركة الأطلس بل مرادنا به امتداد انتزعه العقل من ذات الله ـ تعالى ـ بملاحظة ازليته وبقائه. والزمان بهذا المعنى ليس من جملة العالم ، لأنّه ليس من الموجودات الخارجية ، بل منشأ انتزاعه موجود في الخارج ، فليس تقدّم العدم زمانا على العالم محالا ؛ انتهى.
ووجه الاندفاع وإن ظهر ممّا مرّ لكنّا نزيده إيضاحا بما ذكره استاذنا المحقّق المازندراني في رسالته الّتي الّفها في هذه المسألة تيمّنا بكلامه. قال (١) ـ طاب ثراه ـ بعد نقل الكلام المذكور : كيف لا يكون الزمان الموهوم من جملة العالم مع كونه امرا ممتدّا منقضيا غير متناه ، مع أنّ الاجماع والحديث المشهور من أمير المؤمنين وقول الباقر والرضا ـ عليهالسلام ـ دلائل لحدوث العالم بمعنى ما سوى الواجب. ولا اختصاص بها بالموجودات الخارجية ، فكم من موجود في الخارج وهو موجود في نفس الأمر ، فهذا الامتداد لمّا كان امرا واقعيا نفس أمريّ كلّه أزيد من جزئه إلى غير ذلك من أمارات الوجود كان منافيا لما مرّ ، وقد مرّ أنّه لا يمكن أن ينتزع من ذات الله ـ تعالى ـ بملاحظة استمراره وثباته أمر موصوف بالتجدّد والتغير ، فتقدم العدم زمانا على العالم محال بالعقل والنقل. فظهر انّ دليله على عدم كونه من العالم ليس بشيء إذ عدم كونه من الموجودات العينية لا يدلّ على عدم كونه منه ، فانّ المراد به كلّ ما سوى الواجب من الموجودات العينية والنفس الأمرية ـ أعني : ما لا يكون وجودها وتحقّقها متعلّقا بفرض فارض واعتبار معتبر ـ ؛ وهي أعمّ من الخارج مطلقا ومن الذهن من وجه لامكان اعتبار الكواذب فيه دون نفس الأمر ، ومثل هذا يسمّى ذهنيا فرضيا. ولا شكّ انّ الزمان الموهوم ـ على ما قرّروه ـ ليس من هذا القبيل ، كيف وهم قد حكموا بكونه امرا نفس امري وعاء لعدم العالم ممتدّا متجدّدا متقضيا ذا اجزاء مخصّصة لحدوث الحادث / ٤٥DA / في حدّ منها دون آخر قبله ؛ انتهى كلامه رفع مقامه.
__________________
(١) هذه الرسالة ألّفها في « ابطال الزمان الموهوم » مع انكاره استدلال السيد الداماد عليه ، راجع : روضات الجنّات ، ج ١ ، ص ١١٨.