لا عليه ، لأنّ هذا الوجود المطلق لمّا كان منتزعا منه ـ تعالى ـ فهو وجه من وجوهه وليس شيئا خارجا عنه ، فكانّه استشهد به عليه.
هذا ما يقتضيه نظر الحكيم والمتكلّم.
وأمّا الصوفية فانّهم قالوا : للوجود ثلاث مراتب :
الأوّل : الوجود المطلق / ٢١MB / المعرّى عن جميع القيود ـ أي بشرط لا شيء ـ ، وهو الّذي جعلوه عين ذات الواجب الحقّ ـ تعالى شأنه ـ ؛
الثانى : الوجود المطلق لا بشرط شيء من القيود ، وهو الوجود المنبسط ؛
والثالث : الوجود بشرط القيود ، وهو وجود الممكنات (١). وقالوا : التغاير في هذه المراتب بمجرّد الاعتبار. فالاستشهاد من الثاني على الأوّل بل ومن الثالث عليه يكون استشهادا بالحقّ عليه ، لا من غيره ، لانّ كلّ واحد من المرتبتين الأخيرتين شأن من شئون الأوّل وتنزّل من تنزلاته ، فلا يقع الاستشهاد بأمر خارج ، فتأمّل!.
ثمّ لا يخفى انّ صحّة الوجه المذكور يتوقّف على أوثقية برهان اللمّ على الإنّ ، وسيأتى ما فيه ؛ هذا.
وقال بعض الفضلاء : حكم الشيخ بأوثقية منهج الالهيين باعتبار انّه لا يحتاج إلى اعتبار حدوث أو حركة ، بل يكفى التمسّك بأصل الوجود ؛ بخلاف المناهج الأخرى ، فانّه لا بدّ فيها من بيان وجود حادث أو متحرّك ، وهذا وإن كان ظاهرا لكن لا شكّ انّ الأوّل أوثق ؛ انتهى.
وفيه : انّ حكم الشيخ بانّه طريقة الصديقين الّذين يستشهدون بالحقّ لا عليه لا يلائم هذا التوجيه ، كما لا يخفى.
وقيل : وجه الأوثقية عدم ورود الايرادات الموردة على طريقة الامكان من جواز الأولوية الذاتية وشبهة ما قبل المعلول الأخير وغيرهما ؛
وفيه : أنّها ترد على منهج الالهيين أيضا والجواب مشترك.
والأكثر مصرّحون بانّ الوجه في أوثقية منهج الالهيين كونه لمّيا دون ساير
__________________
(١) راجع : نفحات الأنس ص ٥٥٤.