معقولية! ، وانّما اخترعه السيد المحقّق الداماد ـ قدسسره ـ وتبعه من اقتدى به من تلامذته مثل هذا المجيب.
ولعلّك تعرف حقيقة ما اخترعه السيّد ـ رحمهالله ـ في بعض المباحث الآتية.
وبما ذكرنا من جواز طريان العدم على كلّ ممكن بالنظر إلى ذاته والامتناع على بعض الممكنات لو سلّم فانّما هو لأمر خارج ، يندفع ما أورده بعض الافاضل : بانّ العقل لا يقصر عن تجويز امتناع طريان العدم على بعض الممكنات ، فلا بدّ / ٢٠DA / لجوازه على جميع الممكنات من دليل. ولا يتوهمنّ من ذلك لزوم انقلاب الذات ، إذ هو عبارة عن أن يكون شيء واجبا أو ممكنا أو ممتنعا بالذات ، ثمّ تبدّل في زمان من الأزمنة بغيره. ولا يلزم من امتناع العدم الطاري على ممكن تبدّل في ذاته ، إذ مقتضى مفهوم الممكن جواز مطلق الوجود والعدم عليه ، لا جواز جميع انحاء الوجودات والعدمات عليه. نظيره انّ ذات الواجب يقتضي الاتصاف بالوجود المطلق وذلك لا ينافي امتناع اتصافه بخصوص بعض انحائه ـ كالوجود المسبوق بالعدم ـ ، وانّ الممتنع يقتضي الاتصاف بالعدم المطلق مع انّه لا يجوز اتصافه بالعدم المسبوق بالوجود ، وليس في شيء من ذلك انقلاب وتبدّل في ذاتيهما. فعلى ذلك يجوز أن يمتنع على بعض الممكنات خصوص بعض العدمات كالعدم المطلق ـ على ما صرّح به جمهور الفلاسفة في مثل الهيولى مما اعتقدوا فيه القدم ، وفي مثل النفوس الناطقة من الحوادث ، بل في كلّ ممكن سوى الصور والاعراض من الأمور الحالّة ـ. وكذا يجوز أن يمتنع خصوص بعض الوجودات على الممكن كالوجود السابق ، كما احتجّ به بعض المتكلمين في منع جواز أزلية الممكن مطلقا عند دفع بعض شبه (١) الفلاسفة في قدم العالم ، وكالوجود المعاد وقد تمسّك به بعضهم في منع جواز اعادة المعدوم ؛ انتهى حاصل كلامه.
وأنت تعلم انّ الفرق قائم بين العدم اللاحق للممكن والوجود المسبوق بالعدم للواجب ، وشتّان ما بينهما!. فانّ الوجود المسبوق بالعدم مناف للحقيقة الواجبة والعدم اللاحق غير مناف للحقيقة الامكانية ، بل هو من مقتضياتها ، فامتناعه عليها لو
__________________
(١) الاصل : شبهة.