الدهر فاصلا بين الواجب والعالم لزم كون الواجب ذا وضع.
ووجه الاندفاع ـ كما مرّ ـ أنّه لا نريد من كون الدهر فصلا الاّ / ٤٩MB / تحقّق الواجب بدون العالم في حاقّ الواقع ، ولو كان للواقع امتداد لم يرد تلك الشبهة فضلا عن عدم ثبوت امتداد في الواقع ، وعدم كونه ممتدّا متجزّيا لانّه ليس المراد أنّه فاصل يقع في أحد طرفيه الواجب وفي الآخر العالم ، بل هذه الشبهة عند التحقيق ـ كما مرّ ـ لا يرد على القائلين بالزمان الموهوم أيضا ، لأنّهم لا يقولون : انّه يجب أن يكون زمان يصحّ أن يقال : كان الواجب فيه ولم يكن العالم ، بل يقولون : انّه يجب أن يتحقّق انفصال بين الواجب والعالم ويصحّ فيه قولنا : كان الواجب ولم يكن العالم فيه. نعم! هذه الشبهة ترد على من قال منهم : انّه كما يقال في الجسم انّه زماني بمعنى انّ وجوده مقارن لوجود الزمان ، فصحّ ذلك في شأن الواجب أيضا ، إذ يصدق انّ وجوده مقارن لوجود الزمان.
نعم! لا يصحّ أن يقال : انّه زماني بمعنى انّ وجوده منطبق على الزمان مثل الحركة ولا يصحّ ذلك في الجسم أيضا ، لأنّ مقارنة الزمان لوجوده ـ تعالى ـ يجعله ذا وضع وإن انطبق وجوده على الزمان ، وهو بديهي البطلان ـ كما مرّ ـ. وأيّ مناسبة للمجرّد الصرف المتعالي عن الزمان مع المقارنة للزمان ووقوعه في طرفه!؟.
فان قلت : حاصل ما ذكرت في الدهر ـ الّذي هو وعاء عدم العالم ـ انّه مع عدم وقوع الامتداد والتكمّم فيه يحصل به الانفكاك الواقعي ، وما طريق تعقّل ذلك وبأيّ حيلة نهتدي إلى ادراكه!؟. مع أنّ المعقول عندنا انّ هذا الشيء المسمّى بالدهر عندكم إن حصل به الفصل والانفكاك في الواقع لم يكن إلاّ شيئا ممتدّا هو الزمان ، وإن لم يحصل به الامتداد لزم قدم العالم وكونه
موجودا مع الواجب في الواقع والخارج ؛
قلت : طريق ادراك ذلك بعد التذكّر بأنّه لو لم يوجد انفكاك واقعي بين العالم والواجب بحيث لو فرض تحقّق الزمان. فيه لكان غير متناه لزم إمّا كون الواجب محلاّ للزمان الواقعي النفس الأمري أو عدم تناهي الزمان والحركة من جانب البداية أو كون بقاء الواجب بقدر زمان متناه ، والكلّ قطعي البطلان ـ كما مرّ ـ انّ وعاء الواقع اعمّ الأوعية واشملها ، لأنّه عبارة عن الخارج والخارج من حيث هو خارج ليس