حتّى يصحّ تخلّل ذلك الامتداد الموهوم بينه ـ سبحانه ـ وبين العالم ويتصحّح تأخّر العالم وتخلّفه عنه ـ سبحانه ـ في الوجود ، فاذن إذا كان ذلك الامتداد غير متناهي التمادي كان غير المتناهي محصورا بين حاصرين ، هما حاشيتاه وطرفاه (١) ؛ انتهى.
وأورد عليه بعض الأفاضل : بأنّ مرادهم بقولهم « بين الباري الحقّ وأوّل العالم زمان موهوم ازلي » : انّه كان قبل العالم امتداد موهوم لم يكن العالم فيه ، وكان الحقّ ـ تعالى شأنه ـ فيه بالمعنى الّذي يقال الآن انّه ـ تعالى ـ موجود ، لا انّ ذلك الزمان واسطة بينه ـ تعالى ـ وبين العالم بحيث يكون هو ـ تعالى ـ في أحد الحدّين والعالم في الحدّ الآخر حتّى يلزم كون غير المتناهي محصورا بين حاصرين ؛ انتهى.
والظاهر ـ كما ذكره المورد ـ انّه لا يلزم كون غير المتناهي محصورا بين حاصرين ـ كما ذكره السيّد ـ ، لأنّ المتكلّمين يقولون : انّ هذا الامتداد منتزع من الواجب قبل ايجاد العالم وبعده ، ويكون عدم العالم في بعضه ووجوده في بعض آخر منه وابتداء وجوده يقارن جزء منه ، فالواجب هو محلّ هذا الامتداد عندهم ، لا أن يكون هو شيئا خارجا عن الواجب متّصلا أحد طرفيه به وإن كان جزء منه متّصلا بأوّل العالم ومقارنا له.
نعم! ، يمكن أن يقال : لمّا كان هذا الزمان غير متناه يمكن أن يستدلّ على ابطاله بوجوه :
منها : لزوم المفسدة المذكورة ـ أي : كون غير المتناهي محصورا بين حاصرين ـ من فرض وجوده ، فلذلك لا يبعد أن يدّعى لزوم كون غير المتناهي محصورا بين حاصرين ، بناء على تحقّق الزمان الموهوم. مثلا نقول : لو كان الزمان الموهوم متحقّقا مع كونه غير متناه لاشتمل في الواقع ونفس الأمر على عدّة غير متناهية كالازرع ومثلها ، فنقول : يلزم كونه محصورا بين حاصرين بوجهين : أحدهما : انّه لا ريب في انّه تعرض لهذه العدّة مرتبة من العدد معينة البتة ـ لأنّ كلّ جملة متحقّقة في الواقع معينة الآحاد يعرضها عدد معيّن ضرورة ـ ، ثمّ نقول : يوجد في هذه الجملة مراتب اعداد
__________________
(١) راجع : القبسات ، ص ٣١.