وأجاب عنه بعض الافاضل (١) : بأنّ الامكان هاهنا إنّما هو الامكان بالقياس إلى الغير ومعناه عدم اقتضاء ذات الفاعل شيئا منهما ، لا الامكان بالمعنى المصطلح ـ أي : الامكان الخاصّ الذاتى المفسّر بعدم اقتضاء الذات شيئا من الوجود والعدم ـ. وحينئذ فيمكن اختيار كلّ من الشقين ؛
أمّا الأوّل : فلأنّه لا محذور في جعل عدم الاقتضاء وصفا للفاعل ، إذ لا يلزم منه تطرّق شوب الامكان بالمعنى المصطلح عليه أصلا ؛
وأمّا الثاني : فلانّه إذا كان وصفا للمفعول كان بمعنى كونه بحيث لا يقتضي الفاعل شيئا من طرفيه ، وظاهر انّ افعال غير المختارين ليس كذلك ، إذ الفاعل يقتضي الوجود فيها البتة والامكان الضروري للممكن انّما هو الامكان الذاتي ، وليس الكلام فيه ؛ فتأمّل!.
ثمّ قال : فان قلت : ايجاد العالم صفة له ـ تعالى ـ وهو على ما ذكرتم ليس بواجب ، بل ممكن بالنسبة إلى ذاته ـ تعالى ـ ، فقد تحقّق له ـ تعالى ـ صفة ممكنة وهو ينافي ما قالوا : « انّ واجب الوجود بالذات واجب الوجود من جميع الجهات » ؛ وحينئذ نقول في توجيه كلام المورد : انّه إن اريد بالامكان الامكان بالقياس إلى الغير فيستلزم البتّة ثبوت صفة ممكنة للواجب ـ تعالى ـ وانّه محال ؛ وإن اريد الامكان الذاتي الّذي هو صفة للمعلول ، فافعال غير المختارين أيضا كذلك ، وايراد الشق الثاني مع ظهور انّه ليس بمقصود على سبيل الاستظهار ؛
قلت : الظاهر انّ المراد بقولهم : واجب الوجود بالذات واجب الوجود من جميع الجهات : انّه ليس لواجب الوجود جهة فضيلة / ٣٥MB / بالقوّة وكمال منتظر ، بل كلّ كمال وفضيلة وشرافة ثابتة له ـ تعالى ـ بذاته بالفعل بلا شائبة أمر بالقوة اصلا ، وعلى هذا فهو ممّا لا دخل له بما ذكرت اصلا ؛ انتهى.
وأنت تعلم انّ جوابه هذا يرجع إلى ما ذكرناه.
ثمّ قال : ولو سلّم انّ مرادهم انّه ليس له صفة ممكنة فنقول : ليس المراد انّ كلّ
__________________
(١) في هامش « د » : جمال الدين محمّد الخوانساري ـ ره ـ. منه مدّ ظلّه.