هي عند التحقيق ليست بتامّة فلنذكرها ونشير إلى ما يرد عليها.
منها : ما ذكره المحقّق الطوسي في الفصول والفخر الرازي في الأربعين (١) ، وهو أنّه لو وجد ممكن كان قديما ، فتأثير الفاعل فيه إمّا حال بقائه أو حال عدمه أو حال حدوثه ؛ فعلى الأوّل يلزم تحصيل الحاصل ، وعلى الأخيرين يلزم الخلف مع المطلوب.
ومنها : ما ذكره بعض المتأخّرين ، وهو انّه لو وجد ممكن كان قديما لكان بقاؤه أيضا قديما ، وكما انّ الايجاد في زمان البقاء يستلزم تحصيل الحاصل فكذا ايجاد الموجود القديم ـ الّذي كان بقائه قديما ـ يوجب تحصيل الحاصل بالضرورة.
ومنها : ما ذكره بعض المتأخّرين أيضا ، وهو انّ تأثير الفاعل على قسمين :
أحدهما : ايجاد المعدوم ، وثانيهما : ضبط الموجود وابقائه ، وفي الممكن القديم لا يتصوّر الأوّل ، وفي الوجود المكتسب عن الغير لا يكفي الثاني.
ويرد على هذه الأدلّة الثلاثة أنّها منقوضة بمثل تأثر حركة اليد في حركة المفتاح ، فانّ الثانية محتاجة إلى الاولى معلولة لها ، مع انّه ليس بينهما انفكاك زماني ولا دهري.
فيرد عليه أيضا انّ تاثير الأولى في الثانية إمّا حال عدمها أو حال بقائها ، فيلزم أحد المفاسد المذكورة ، فما تقولون في الجواب هنا نحن نقول هناك. وبالجملة إذا تحقّق مثل هذا الربط بين بعض الحوادث بأن يكون حادث مستندا إلى حادث آخر من غير وقوع انفكاك في الخارج بينهما فيجوز تحقّقه بين بعض القدماء أيضا بأن يكون ممكن قديم مستندا إلى قديم آخر واجب بالذات من غير وقوع انفكاك في الخارج. فهذه الأدلّة لا تفيد أزيد من الحدوث الذاتي.
الأمر الثاني : ممّا يتوقف عليه تحقيق الحقّ فيما اخترناه من حقّية الحدوث الدهري انّه لا ريب في انّ المراد من الزمان الموهوم الّذي اثبته المتكلّمون هو الشيء المتكمّم المتصرّم له واقعية ونفس أمرية ، وبالجملة هو كمّ واقعي نفس أمري لا تفاوت بينه وبين هذا الزمان إلاّ بالليل والنهار. وليس المراد به هو الزمان التقديري الّذي
__________________
(١) راجع : الاربعين ج ١ ص ٢٧.