سبيل القدرة أو على سبيل الايجاب ـ. فمؤثّره إن كان واجبا مختارا ثبت المطلوب ، وإن كان ممكنا آخر لا بدّ له من الانتهاء إلى الواجب. وإذا انتهى سلسلة الاحتياج إليه يثبت كون المؤثّر في جميع ما هو ممكن ذاتي واجب الوجود لذاته على سبيل القدرة ـ بمعنى صحّة الصدور واللاصدور بالنظر إلى الداعي في بعض الاوقات ، أي : القدرة الملزومة للحدوث ـ. لأنّ الممكنات الذاتية إمّا موجودة أو معدومة ، واستناد وجود الأولى إلى الواجب بعد تعميم المدّعى ظاهر.
ولمّا ثبت حدوث العالم يثبت الانفكاك بينها وبين الواجب أيضا. واستناد اعدام الثابتة إليه ـ تعالى ـ أيضا ظاهر ، لأنّ عدم ما هو ممكن في نفسه إمّا مستند إلى عدم إرادة الواجب لمصلحة راجعة إلى نظام الكلّ أو إلى عدم الواسطة والشروط المنتهى بالأخرة إلى عدم إرادة الواجب ـ كما مرّ مفصّلا ـ. وعلى التقديرين يثبت استناد اعدام الممكنات المعدومة إليه ـ تعالى ـ ، فبالتعميم المذكور يثبت استناد وجودات الموجودات إليه مع تحقّق الانفكاك بينها وبين الواجب واستناد أعدام الممكنات المعدومة إليه ـ تعالى ـ أيضا. وبه تثبت القدرة الملزومة للحدوث.
ثمّ التعميم المذكور لا ضير فيه ، لأنّه لا مانع في استناد بعض الممكنات إليه ـ تعالى ـ بواسطة بعض الاسباب والشروط من حيث جهاتها المستندة إليه ـ تعالى ـ ، امّا بأن يكون واسطة في الافاضة من الله ـ تعالى ـ ، حتّى يكون أصل الافاضة في الكلّ منه ـ تعالى ـ والوسائط إنّما هي شروط ومعدّات لتحقّق الافاضة منه ـ تعالى ـ ، أو يكون بعضها مفيضا أيضا بما اودع الله فيه من التمكّن والاقتدار بقدرته ؛ وهذا أيضا منه ـ تعالى ـ بالحقيقة.
قال بعض الأعلام : الظاهر انّ مدّعى القوم شمول قدرته لجميع المقدورات مطلقا ـ : سواء كانت بواسطة أو بلا واسطة ـ ، فانّ من قال بالوسائط لم يقل بأنّها مستقلّة فى الايجاد ، بل الوسائط انّما هي ادوات وآلات واسباب ووسائل إلى بعض الأفعال. بل أفعال الله ـ تعالى ـ كلّها كذلك ، فانّ بعضها سبب لبعض ، فمن أراد أن يفعل فعلا له اسباب وأدوات فلا بدّ أن يحصل تلك الاسباب أوّلا حتّى يفعل ذلك الفعل بتلك