جواز صدور المتعدّد عن الواحد ، فالواحد من جميع الجهات لا يجوز أن يصدر عنه الأشياء المختلفة ـ كما ذكره الحكماء في ترتيب الصدور ـ. فالواجب ـ تعالى ـ إذا صدر عنه العقل الأوّل لوجود مناسبة بينهما لم يجز أن يناسب الفلك أو الانسان أيضا وإلاّ لزم التركيب في ذاته ؛
قلنا : الصادر من الواجب انّما هو وجود كلّ موجود وفعلية كلّ ممكن وهو فعل واحد بسيط لا اختلاف فيه حتّى يوجب ايجاد المهيات المختلفة صدور الكثرة عن الواحد ولو قلنا : انّ المجعول هو نفس الماهية والوجود تابع ، لأنّ جعل الماهية وفعلها هو فعل واحد بسيط وان تعلّق بالماهيات المختلفة الغير المتناهية. على أنّه لو سلّم اختلاف الفعل لم يوجب رفع المناسبة ووجوب التكافؤ بين العلّة والمعلول إذا كان صدور كلّ ماهية بوساطة ممكن موجود وشرطيته ـ كما ذكره الحكماء ـ. على أنّ بناء الاعتراض على تجويز تأثير ممكن في آخر بالجهة المستندة إلى الله ـ تعالى ـ فقط من دون مدخلية للجهة المستندة إلى ذاته اصلا ؛ فمجرّد ما أفاض الله ـ تعالى ـ على المعلول الأوّل من الفعليّة والوجود يكون مفيضا للفعلية في المعلول الثاني ، ومجرّد تلك الفعلية يكون مفيضا للفعلية في المعلول الثالث وهكذا. وحينئذ فالمؤثّر في الوجود والموجد للعقليات ليس إلاّ الواجب أو ما صدر عن ذاته ، واستناد ما صدر عمّا صدر عن ذاته إلى ذاته صحيح ، فالمقدّمة القائلة بأن لا مؤثّر في الوجود الاّ الله صادقة.
ولا يخفى انّ ما ذكره في العلاوة وإن كان صحيحا إلاّ أنّ الظاهر من قواعد الملّة استناد وجود كلّ ممكن إليه ـ تعالى ـ وكونه مؤثّرا في الكلّ بذاته لا بما صدر عنه ، إلاّ في أفعال العباد ـ كما يأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى ـ.
إلاّ أن يقال : الايجاد على النحو المذكور يوجب استناد كلّ ممكن إليه وكونه مؤثّرا في الكلّ. بيانه : انّ التأثير الحقيقي / ٦٦DB / ـ المعبّر عنه بالايجاد والافاضة ـ لا يستلزم مزاولة عمل ولا مداومة فعل ، بل هو عبارة عن صدور الأثر عن الفاعل بأيّ نحو كان وبأيّ طريق يناسب شأن الفاعل ، فاذا كان الفاعل بحيث كان في شأنه ورتبته أن يوجد أوّلا معلولا كان في شأنه صدور بعض المعلولات عنه وكان في شأن