بقدر من الزمان عند بعضهم كون بعض الأوقات أصلح للصدور ، وعند بعض آخر امتناع الصدور في غير ذلك الوقت ، ولا خفاء في أنّ كون بعض الأوقات أصلح للصدور غير راجع إلى امتناعه في غير ذلك الوقت إن لم يحكم بوجوب الأصلح. وعلى هذا فمؤدّى العبارتين مختلف ، إذ هؤلاء يقولون بصدوره في ذلك الوقت على سبيل الأولوية وهؤلاء على سبيل الوجوب. وأمّا إن حكم بوجوبه ـ بناء على أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد ، كما هو مختار جماعة ـ فمؤدّى هاتين العبارتين واحد بناء على أنّ المراد بالامتناع الامتناع بالغير ، إذ وجود العالم في الأزل غير ممتنع بالذات. وكذا ايجاد الفاعل فيه من حيث هو فاعل ، وإلاّ لم يكن الحدوث دليل القدرة ولمّا احتاج إلى الإرادة المخصصة. وإذا كان المراد بامتناع الصدور في غير ذلك الوقت امتناعا بالغير ، لزم منه وجوب الصدور في ذلك الوقت وجوبا بالغير ، لأنّ من قال بامتناع الصدور في غير ذلك الوقت قال بوجوب الصدور في ذلك الوقت ولم يقل بالأولوية ، إن امتناعا غيريا فوجوبا غيريا وإن ذاتيا فذاتيا ، وإذا لزم منه الوجوب بالغير في ذلك الوقت. ولا ريب أنّ القول بكون بعض الاوقات أصلح للصدور أيضا مستلزم للوجوب بالغير ، فانّ الوجوب بسبب العلم بالأصلح وجوب بالغير قطعا ، فيكون مؤدّى العبارتين واحدا ؛ انتهى.
وهذا القائل ـ كما ترى كلامه ـ قد حكم بأنّ الامتناع في غير وقت الحدوث امتناع بالغير مطلقا.
وممّا قدّمناه يظهر ما فيه من الاجمال.
وبعضهم حكم بأنّه امتناع بالذات ، حيث قال : الظاهر انّ مراد من حكم بامتناع الصدور قبل وقت الحدوث ليس امتناعا بالغير ، بل مراده الامتناع بالذات ـ أي : لذات الوقت ـ كما أشار إليه المحقّق الطوسي وقال : فرقة اعترفوا بتخصيص آن أوّل الايجاد بالحدوث لوجود علّة لذلك التخصيص غير الفاعل ، ويجعلون علّة التخصيص مصلحة تعود إلى العالم ؛ وفرقة قالوا بتخصيصه لذات الوقت على سبيل الوجوب و