ظاهر لا سترة فيه.
ونظر الفرقة الثانية إلى أنّ الممكن لو كان موجدا قائما يؤثّر بالجهة المستندة إليه ـ تعالى ـ ، وهذه الجهة ليست عدما محضا ـ وقد تقدّم الكلام في ذلك مفصّلا ـ.
وعلى هذا لا يكون هذا الخلاف مختصّا بالحركات والأعراض ، لأنّ المستفاد من الدليل المذكور جواز ايجاد بعض الممكنات بعض الجواهر بالجهة المستندة إلى الواجب ، فما ادّعاه المستدلّ المذكور من اتفاقهم على أنّ صدور غير الحركات من الجواهر انّما هو من الواجب محلّ تأمّل!. إلاّ أن يقال : غرضه من الاتفاق اتفاق المتكلّمين ، فانّه لا نزاع بينهم في عدم صدور الجواهر من الممكن ، انّما النزاع بينهم ليس إلاّ في الأفعال المستندة إلى المخلوقين ـ الّتي هي حركات أو ما يتعلّق بها ـ. وأمّا غير تلك فالكلّ متّفقون على أنّ صدورها إنّما هو بقدرته وارادته.
نعم! ذهب معمّر بن عباد من المعتزلة إلى أنّ الله ـ تعالى ـ لم يخلق شيئا إلاّ الاجسام ، فأمّا الأعراض فانّها من مخترعات الأجسام إمّا طبعا ـ كالنار الّتي تحدث الاحراق والشمس الّتي تحدث الحرارة والقمر الّذي يحدث التلوين ـ ، وإمّا اختيارا ـ كالحيوان يحدث الحركة والسكون والاجتماع والافتراق ـ. ولذهاب ابن عبّاد إلى ذلك خصّ المستدلّ المذكور ما يختصّ صدوره بالواجب ـ أعني : غير الحركات ـ بالجواهر دون غير أفعال العباد والحركات من الجواهر وسائر اقسام الأعراض ، فانّه لو لم يخصّصه بالجواهر لم يتناول كلامه مذهبه.
وعلى ايّ / ٩٩MB / تقدير لا ريب في أنّ أحدا / ٩٤DB / من المتكلّمين لم يجوّز صدور الجوهر من الممكن.
ثمّ الظاهر من قواعد الملّة استناد وجود جميع الموجودات من الجواهر والأعراض إليه ـ تعالى ـ بدون مشاركة من الوسائط سوى أفعال العباد ـ على ما تقدّم ـ. والقول بأنّ الدليل الدالّ على استناد جميع الموجودات إليه ـ تعالى ـ لا يجري في الحركة ـ بناء على أنّ حقيقتها لمّا لم يكن أمرا بالفعل ولا قابلة للفعلية بل هي دائما بين صرافة القوّة ومحوضة الفعل فلا ينافي تحقّق جهة القوّة والعدم في فاعلها ، بل يجب أن تكون في فاعلها