القدرة بالنسبة إلى جميع الموجودات ؛ وقد عرفت تحقيق الحقّ وجواب المناقشتين.
ثمّ في كلام هذا القائل خبط!. وذلك لأنّ ما ذكره من أنّ غرض المستدلّ المذكور اثبات كون الجميع مقدورا له ـ تعالى ـ بلا واسطة إن اراد من كلامه هذا : انّ غرض المستدلّ اثبات كون الجميع مقدورا له ـ تعالى ـ بلا واسطة بالقدرة المستجمعة لجميع الشرائط فهو ممنوع ، لأنّ ما ذكره لا يدلّ ـ بل لا يمكن حمله! ـ على ذلك ؛ وإن اراد منه : أنّ غرض المستدلّ اثبات كون الجميع مقدورا له بلا واسطة بالقدرة المطلقة وكونه رجوعا من كلامه السابق ـ بناء على ما ذكر من دلالة قوله سابقا : وكلّ ما له امكان الصدور عن الغير له امكان الصدور عن الواجب بلا واسطة أو بواسطة ، على أنّ تعلّق القدرة المطلقة بجميع الممكنات أعمّ من أن يكون بلا واسطة أو بواسطة ـ ؛ ففيه : انّ ما قال المستدلّ المذكور لم لا يدلّ إلاّ على أنّ بعض الموجودات المستندة إلى بعض آخر ـ أعني : الحركات ـ يجوز استنادها إلى الواجب أيضا عند من يجوّز استناد بعض الممكنات إلى بعض آخر؟ ، لانّه قال : ومن جوّز كون الممكن محرّكا للأجسام جوّز أن يوجد الواجب حركات الاجسام ؛ فهو يدلّ على تعلّق قدرته المطلقة بلا واسطة بجميع الموجودات ، وليس فيه ما يدلّ على تعلّقها بالممكنات المعدومة. فالمفهوم من هذا الكلام ليس إلاّ ما سلّمه هذا القائل واعترف بأنّ الضرورة المذكورة يثبته ـ أعني : تعلّق قدرته تعالى بجميع الموجودات وكذا المقدورات لها ـ ، فأيّ مدخلية للمناقشتين؟ ؛ لأنّه لا ريب في أنّ الحركات من الممكنات الّتي يقدر شيء على ايجادها ، فاندفعت المناقشة الأولى ؛ ويمكن صدورها عن بعض الموجودات ، فاندفعت الثانية.
على أنّك قد عرفت حال المناقشتين ؛ هذا.
وقد ظهر ممّا ذكر انّ حاصل ما اخترناه وملخّصه : انّ القدرة المستجمعة لجميع شرائط التأثير عامّة شاملة لكلّ الموجودات ومتعلّقة بجميعها ـ إمّا بلا واسطة في الجميع أو بتخلّل الوسائط في بعضها ـ ، وما انكرنا كلّ الانكار تخلّل الوسائط في البعض. وانّ القدرة بالمعنى المشهور ـ أي : امكان الصدور واللاصدور بالنظر إلى الذات ـ عامّة شاملة لجميع الممكنات سواء كانت موجودة أو معدومة ، يوجد بعد أو لا يوجد قطّ